للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: ٢٧]، وذكر أحاديث تدل على ذلك، ثم قال: وأما قول أبي عمر - يعني ابن عبدالبر-: "فأما الكافر الجامد فليس ممن يسأل عن دينه" فجوابه: أنه نفى بلا دليل؛ بل في الكتاب العزيز الدلالة على أن الكافر يسأل عن دينه, قال الله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (٦)} [الأعراف: ٦]، وقال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢)} [الحِجر: ٩٢] لكن للنافي أن يقول: هذا السؤال يكون يوم القيامة (١).

(فَيُقَالُ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ) محمد - صلى الله عليه وسلم - (فَيَقُولُ: لَا أَدْرِى). وفي رواية أبي داود: "وإن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له: ما كنت تعبد؟ " (٢).

وفي حديث البراء "فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري" (٣) وهو أتم الأحاديث سياقًا, وقد مر بتمامه في باب: الميت يسمع خفق النعال.

(كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ) المسلمون (فَيُقَالُ) له (لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ) أصله: تلوت، بالواو, والمحدثون إنما يروونه بالياء للازدواج؛ أي: لا فهمت ولا تلوت القران، أو المعنى: لا دريت ولا اتبعت من يدري، وفي رواية "ولا أتْليت" بزيادة الهمزة وإسكان المثناة الفوقية, وصوبها يونس بن

حبيب (٤)، كأنه يدعو عليه بأنه لا يكون له من يتبعه من الأولاد (٥). واستبعد هذا في الدعاء الملكين. وأجيب: بأن هذا أصل الدعاء ثم استعمل في معنى: لا يتبعك عون من الله ولا نصرة.


(١) الروح في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة (ص: ٨٦).
(٢) سنن أبي داود، كتاب السنة، (٤/ ٢٣٨) (٤٧٥١) تقدم تخريجه في (ص:٩٥٧).
(٣) مسند الإمام أحمد بن حنبل، (٣٠/ ٤٩٩) (١٨٥٣٤) تقدم تخريجه في (ص: ٧٤٢).
(٤) هو: يونس بن حبيب الضبي بالولاء، أبو عبد الرحمن، ويعرف بالنحوي: علامة بالأدب، كان إمام نحاة البصرة في عصره، (ت: ١٨٢ هـ)، وفيات الأعيان (٧/ ٢٤٤) (٨٥٢).
(٥) إصلاح المنطق لابن السكيت (١/ ٢٢٨).