للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وإنما هو مِرْبَد واحد (١)، فثنَّاه مجازًا؛ لِمَا يتصل به من مُجَاوِرِه، أو سمَّى كلًّا من جانبَيْه مِرْبَدًا، ثم ثنَّاه، وأكَّده، وأنشد:

إِذَا البَيْضَةُ الصَّمَّاءُ عَضَّتْ صَفِيحَةً ... بجربانها (٢) صَاحَتْ صِيَاحًا وَصَلَّتِ (٣)

فأكَّد "صاحَتْ" بالمصدر، وهو مجازٌ.

وجعل من ذلك بعضُهم: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (٤) على مذهبه السَّوْء، وقال: ليس بحقيقةٍ، وقال المَوْصِليُّ (٥) -مع أنه من رؤوس المعتزلة-: ليس بمجازٍ، بل هو حقيقة، ونقل عن أبي الحَسَن (٦) أن الله سبحانه خَلَقَ رأسًا في الشجرة كلَّم به موسى، قال: وإذا أحدثه كان متكلمًا به. انتهى.

وما قالاه خطأٌ نقلًا وعقلًا، والعربيةُ تأباه، وهو يؤول ولا بدَّ إلى المجاز، ولْنَرجِعْ إلى ما كنا فيه.

وقال الله سبحانه: {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا} (٧)، وقال الشاعر (٨):


(١) هو كل موضع حبست فيه الإبل، وبه سمي الموضع الذي كان فيه سوق الإبل بالبصرة، ثم صار محلَّة عظيمة سكنها الناس، وكان فيها مفاخرات الشعراء، ثم تُرك وصار خرابًا. ينظر: معجم البلدان ٥/ ٩٨.
(٢) كذا في المخطوطة، والصواب ما في مصادر البيت: بحِرْبائِها.
(٣) بيت من الطويل، للعُجَير السَّلُولي. البيضة الصمَّاء: الدرع المصمتة، وصفيحة: سيف، والحِرْباء: مسمار الدرع، وصلَّت: صوَّتت، كما في: القاموس المحيط (ص ف ح) ١/ ٣٤٥، (ح ر ب) ١/ ١٤٧، (ص ل ل) ٢/ ١٣٥١، وتاج العروس (ب ي ض) ١٨/ ٢٥٧. ينظر: الديوان ٢١٦، والحيوان ٢/ ٤٢٩.
(٤) النساء ١٦٤.
(٥) الخصائص ٢/ ٤٥٦.
(٦) معاني القرآن ١/ ٢٦٩.
(٧) طه ٥٦.
(٨) هو مجنون ليلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>