للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده الإتباعُ، حتى يكون الإسكانُ للتخفيف؟ وكذا يقول في: سِدْراتٍ، إلى أن رأيتُ ذلك لأبي عَلِيٍّ في "الحُجَّة" (١)، قال: وحُجَّةُ مَنْ أسكن، فقال: {خُطْوَاتِ}: أنهم نَوَوا الضمةَ، وأسكنوا الكلمةَ عنها؛ أَلَا ترى أن القول في ذلك لا يخلو من أن يكون جمعَ "فُعْلةٍ"، فتركوها على ما كانت عليه في الإفراد، أو يكونوا أرادوا الضمة، فخفَّفوها، وهم يريدونها، كما أن مَنْ قال: لقَضْوَ الرجلُ، و: رَضْيَ، أراد الضمة والكسرةَ، وحذفَها، وهو يقدِّرها ثابتةً، بدليل تركهم رَدَّ الياءِ والواوِ؟

فلا يجوز الأول؛ لأن ذلك -يعني: عدمَ الإتباع- إنما يجيء في الشعر، كما قال ذو الرُّمَّة:

وَرَفْضَاتُ الهَوَى فِي المَفَاصِلِ (٢)

فإذا لم يَجُزْ حملُه على هذا الوجه علمت أنه على الوجه الآخر، أنهم أسكنوا تخفيفًا، وهم يريدون الضمة، كما في: لقَضْوَ.

ع: وللمعترض على أبي عَلِيٍّ أن يقول: إنما اختَصَّ بالشعر عدمُ الإتباع في المفتوح، ولا يلزم أن يمتنع تركُه في غيره؛ للثِّقَل الذي فيه.

واعلمْ أن أبا عَلِيٍّ يَجِبُ عليه أن يطلق القول باستحقاق الإتباع في الثلاثي المقيَّدِ بما ذَكَر المصنِّف، أو الفتحِ للتخفيف، وأما الإسكان فإنه يَكِلُه إلى قاعدةٍ أخرى، وهي أن نحو: عَضُدٍ، وكَتِفٍ، يجوز تخفيف عينِهما، والاسمُ بعد الجمع يبقى كذلك، وليس الإسكانَ الذي كان في المفرد، فيذكُرَه، كما يفعلُ غيرُه (٣).


(١) ٢/ ٢٦٨.
(٢) بعض بيت من الطويل، وهو بتمامه:
أَبَتْ ذِكَرٌ عَوَّدْنَ أحشاءَ قلبِه ... خُفُوقًا ورَفْضاتُ الهوى في المفاصل

رَفْضات: تفرُّق وتفتُّح. ينظر: الديوان ٢/ ١٣٣٧، والمقتضب ٢/ ١٩٢، والمذكر والمؤنث لابن الأنباري ٢/ ١٤١، والتمام ١٨٠، والمخصص ١/ ٤٧١، وضرائر الشعر ٨٥، والتذييل والتكميل ٢/ ٥٥، وخزانة الأدب ٨/ ٨٧.
(٣) الحاشية في: ٣٤/أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>