للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* قال أبو الفَتْح (١): قرأ طَلْحةُ (٢): {فَالصَّوَالِحُ قَوَانِتُ حَوَافِظُ} (٣)، وهو أَشْبهُ من قراءة التصحيح؛ لأنه ليس المراد من الثلاثة إلى العشرة فقط؛ لأن الألف والتاء للقِلَّة كالألف والنون والياء والنون في التثنية، هذا الأصلُ، غيرَ أنه قد جاء مع الكثرة، نحو: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} الآيةَ (٤)، والغرضُ الكثرة.

وكان أبو عَلِيٍّ (٥) يُنكِر الحكايةَ المرويَّةَ (٦) أن حَسَّانَ عَرَضَ شِعْره على النَّابِغة، فقال له عند قوله:

لَنَا الجَفَنَاتُ الغُرُّ يَلْمَعْنَ بِالضُّحَى ... وَأَسْيَافُنَا يَقْطُرْنَ مِنْ نَجْدَةٍ دَمَا (٧):

قَلَّلتَ جِفَانَك وسيوفَك، ويقول: هذا خبرٌ مجهولٌ، لا أصلَ له؛ لأن الله تعالى يقول: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} (٨).

وعِلَّةُ ذلك عندي: أنه كَثُر مجيء المفرد مرادًا به الجمعُ جنسًا، نحو: أَهْلَكَ الناسَ الدينارُ والدرهمُ، و: ذَهَبَ (٩) الناس بالشاة والبعير، فلما كَثُر ذلك جاؤوا في موضعه بالجمع الذي هو أقربُ الجموع إليه، وهو القليلُ، فلهذا قال: {الْغُرُفَاتِ (١٠) و: الجَفَنَات، وجاء في التكثير، فقال: وأسيافُنا، وقال تعالى: {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ


(١) المحتسب ١/ ١٨٧.
(٢) هو ابن مُصرِّف بن عمرو اليامي الهَمْداني الكوفي، أبو محمد، تابعي إمام حافظ، له اختيار في القراءة، قرأ على إبراهيم النخعي ويحيى بن وثاب، وأخذ عنه الأعمش والكسائي، توفي سنة ١١٢. ينظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ١٩١، وغاية النهاية ١/ ٣٤٣.
(٣) النساء ٣٤. ينظر: مختصر ابن خالويه ٣٢، وشواذ القراءات للكرماني ١٣٤.
(٤) الأحزاب ٣٥.
(٥) ينظر: التنبيه على شرح مشكلات الحماسة ٢٧٠، والنكت في القرآن ١/ ٣٧١، وأسرار العربية ٢٥٠، والمقاصد النحوية ٤/ ٢٠٤٢.
(٦) ينظر: الأغاني ٩/ ٢٣١، والمصون ٣، والموشح ٦٩، وما يجوز للشاعر في الضرورة ١١٩.
(٧) بيت من الطويل، تقدَّم في باب كيفية تثنية الممدود والمقصور.
(٨) سبأ ٣٧.
(٩) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(١٠) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>