للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السبيل؛ لأن "الآن" إنما هو إشارة إلى الوقت الحاضر، فخالف نُظَراءَه، فبُني.

وقيل: إنما بُني؛ لأنه وقع في أول الأمر معرفةً، وسبيلُ ما تدخل عليه "أَلْ" أن يكون نكرةً قبلَها.

وكان الفارسيُّ (١) يقول: إنه معرفةٌ بلامٍ أخرى غيرِ هذه، وأنه إنما [بُني] (٢) لتضمُّنه معناها، كما في "أمسِ".

وكان المبرِّد (٣) يزعُم أنه في الأصل فعلٌ ماضٍ من قولنا: آنَ، يَئِينُ، فأُدخلت "أَلْ" عليه، وجُعل محكيًّا، كما جاء أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن قِيلَ وقالَ (٤).

ووقفت على كلامٍ منسوبٍ إلى الفارسيِّ (٥)، أنه قال: «الآنُ أحدُ (٦) الزمانين» بالرفع؛ لأنك إنما بنيته وهو مشار به إلى الزمن الحاضر، / فلست تشير به إلى الزمان الآن، إنما تخبر عنه، فوجب أن يعرب؛ لمفارقته الحال التي كان عليها.

فهذا؛ وإن كان كما قال؛ فليس يمتنع أن تتركه مفتوحًا على الحكاية، كما تقول: "مِنْ" حرف خفضٍ، و"قامَ" فعلٌ ماضٍ، وإن كانا قد صارا اسمين، وكذا قال الأَخْفَشُ (٧) في: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} (٨): إنه فاعل، وإنه تركه على حاله لمَّا جرى منصوبًا في الكلام، وكذا: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (٩).


(١) الإغفال ١/ ٢٨٠، وينظر: سر صناعة الإعراب ١/ ٣٥٣.
(٢) ما بين المعقوفين ليس في المخطوطة، وهو في الاقتضاب، والسياق يقتضيه.
(٣) كذا في المخطوطة، وهي في الاقتضاب: الفراء، وهذا أحد توجيهين للفراء في: معاني القران ١/ ٤٦٨، ولم أقف عليه للمبرد.
(٤) أخرجه البخاري ٦٤٧٣، ٧٢٩٢ ومسلم ٥٩٣، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(٥) لم أقف عليه للفارسي، وهو لابن جني في: المحكم ١٠/ ٥٣٢، وشرح أدب الكاتب للجواليقي ٣٠، وإيضاح شواهد الإيضاح ١/ ١٣٣.
(٦) كذا في المخطوطة مضبوطًا، ولعل الصواب ما في الاقتضاب: حدُّ.
(٧) معاني القرآن ١/ ٢٥٦.
(٨) الأنعام ٩٤.
(٩) الجن ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>