للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكرت ما هو مجهولٌ عنده، وذلك موضع الفائدة ضرورةً.

قلت: هذا -على ظهوره- لا يُوجِب أن يقال: إن الخبر هو الجزء المستفاد وحدَه دون المبتدأ، فنظيرُ علمِك بالمبتدأ علمُك بالخبر، أعني: مدلولَهما، فإن مدلولاهما (١) معلومان للسامع قبل الإخبار؛ وإلا لم يصحَّ إفهامٌ، فكلٌّ منهما معلومٌ من جهةٍ، وإنما المجهول النسبةُ والإضافةُ، وهو الحكم بأن هذا هو صاحب هذا، وهذا المجهول لا يستقلُّ بواحدٍ منهما على انفراده، وفي هذا مجال.

وينقطعُ النزاعُ بأن تمثِّل بـ: زيدٌ أخوك؛ فهذان معرفتان؛ إن قدَّرت أن السامع كان يعلم المبتدأَ قدَّرت أنه كان يعلم الخبرَ، وإنما جَهِل أنما (٢) يعلُمه من مدلول "زيد" هو ما يعلُمه من مدلول "أخوك".

ونصَّ أبو بَكْرٍ في "الأصول" (٣) على أنه إذا كان الخبر معرفةً؛ أن الفائدة في مجموعهما، وقد كان قدَّم (٤) أن الخبر هو الذي يستفيده السامعُ في قولك: عبدالله جالسٌ، فإذا قلنا: إن كلامه هو ما قال المصنِّف (٥)؛ فقد نَقَضَه ما قاله في المعرفتين، ولستُ محتاجًا إلى الاسترفاد بكلام النحاة؛ لأن ما قلتُه يَعْقِلُه كلُّ ذي عقلٍ سليمٍ من كلِّ صنف (٦) وكلِّ آفةٍ (٧).

ومفردًا يأْتي ويأتي جمله ... حاويةً معنى الذي سِيْقتْ له

(خ ١)

* ع: «حاويةً»: يعني: الجملةَ التي حُكم عليها بالرفع للخبرية، فلو وُجد ضمير من غيرها لم يُكتَفَ به، ولذلك مَنعوا: حُسْنُ الجاريةِ الجاريةُ أعجبتني ... (٨)، على إبدال


(١) كذا في المخطوطة، والوجه: مدلوليهما.
(٢) كذا في المخطوطة، والوجه الفصل؛ لأن "ما" هنا اسمٌ موصولٌ، لا زائدةٌ كافَّةٌ.
(٣) ١/ ٦٥، ٦٦.
(٤) ١/ ٦٢.
(٥) أن الخبر هو الجزء المتم الفائدة.
(٦) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب: ضعفٍ.
(٧) الحاشية في: ٢١.
(٨) موضع النقط مقدار كلمة انطمست في المخطوطة، وبقي منها حرف الألف، ويدل كلامُه الآتي مع ما بقي من الكلمة على أنها "إيَّاه"، لكن في التذييل والتكميل ٤/ ٣٦ ومغني اللبيب ٦٤٩: «حُسْنُ الجاريةِ الجاريةُ أعجبتني هو»، وقال في مغني اللبيب: «فـ"هو" بدل اشتمالٍ من الضمير المستتر العائد على "الجارية"، وهو في التقدير كأنه من جملة أخرى».

<<  <  ج: ص:  >  >>