للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

متوسطٌ، وهو غريب، وقلَّما يذكرُه النحويون، وقد ذكرنا في بابه تَقَدُّمَه على الفعلين، نحو: أيَّ رجلٍ ضربتَ وشتمتَ؟

ونظيرُ ما ذكر أبو عَلِيٍّ: قولُك: إِنْ تَجِدْ يومَ فراغٍ زيدًا تؤدِّبْ، والمعنى: إِنْ تَجِدْ زيدًا في يوم فراغٍ تؤدبْه، فحُذف الضمير، وأُعمل "تؤدِّب" في "زيد"، وفي "يوم"، وحَذفتَ من "تَجِد" ضميرَ الذي أَعملت فيه "تؤدِّبْه"، كأنك قلت: إِنْ تَجِدْه، أو: إِنْ تَجِدْ فيه، ويجب أن يكون الأولُ أَوْلى بالعمل بلا خلافٍ، كما كان في قولك: أيَّ رجلٍ ضربت أو شتمت؟ لأنه في هذه المسألة أقربُ، وفي مسألة أبي عَلِيٍّ -وإن اتَّحدا في القُرْب للعاملَيْن- / إلا أن إعمال العامل الأولِ أَوْلى؛ لتَقَدُّمِه من غير معارضٍ للتقدُّم، يدلُّك على أن إعمال المتقدم أَوْلى: قولُك: لَزيدٌ ضربت، وزيدًا ضربت، ولا يجوز هذا في التأخير. انتهى.

وفي كلام ابنِ هِشَامٍ أن إعمال (١) في المتوسط ذكره النحاةُ، ولكنه قليلا (٢)، وهذا لا نعرفه في غير هذا المحلِّ ولهذا الرَّجُلِ، اللهم إلا أن يُحمَل قولُه: «قلَّما» على النفي المحض، لا على التقليل، كما قال (٣): «وقلَّما سَلِم مِكْثارٌ، أو أُقِيلتْ له عِثَارٌ» (٤) (٥).

والثانِ أَولى عندَ أهلِ البَصْره ... واختارَ عكسًا غيرُهم ذا أُسْره

وأعملِ المهملَ في ضميرِ ما ... تنازعاهُ والتَزِم ما التُزِما

(خ ١)

* أجاز الزَّمَخْشَريُّ (٦) في: {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} (٧) أن تكون اللام متعلقة بـ"اخترتك"، ورُدَّ بأن هذا من باب الإعمال، فيجب -أو يُختار- إعادةُ الضمير مع


(١) كذا في المخطوطة، والوجه: إعماله.
(٢) كذا في المخطوطة، والوجه: ولكنه قليل، أو: ولكن قليلًا.
(٣) هو الحريري.
(٤) المقامات ٥.
(٥) الحاشية في: وجه الورقة الأولى الملحقة بين ١٢/ب و ١٣/أ وظهرها.
(٦) الكشاف ٣/ ٥٥.
(٧) طه ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>