للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندك جميعَ الشهر، أو بعضه، نحو: بعضَ الشهر، بخلاف نحو: اغتنمت بركةَ الشهر.

وكلُّ ذلك يقال في ظرف المكان، تقول: تركته بمَلَاحِس البقر أولادَها، فـ"مَلَاحِس" جمعٌ (١)، بدليل إعمالِه، وصار ظرفًا؛ لقيامه مَقامَه، وأما المشبَّه به فنحو: فوقَ ودونَ؛ فإنهما ليسا اسمَيْ مكانٍ في قولك: زيد فوقَ عمرٍو في الشرف، ودونَ بكرٍ في العلم، لكنَّهما أشبها "فوقًا" و"دونَ" للمكان.

وظرفُ المكان الحقيقي نحو: خلفَ وأمامَ، أو عددُه، نحو: عشرين فرسخًا، أو قائمٌ مَقامَه، نحو: بعضَ الفرسخ، و: كلَّه، لا قولُك: استَطَلْت سيرَ فرسخٍ (٢).

فانصِبْه بالواقع فيه مُظْهَرا ... كان وإلا فانوهِ مُقَدَّرا

وكلُ وقتٍ قابِلٌ ذاك وَمَا ... يقبلُه المكانُ إلّا مُبْهما

(خ ١)

* المُبْهَمُ في اللغة: المُغْلَق، قال (٣):

الفَارِجُو بَابِ الأَمِيرِ المُبْهَمِ (٤)

واختُلف في تفسير المراد باسم المكان المبهمِ هنا، على أقوال مشهورةٍ، وأحسنُ ما فيه: قولُ الجُزُوليِّ (٥): ما لا يستحقُّ ذلك الاسمَ إلا بالإضافة إلى غيره، ألا ترى أن نحو: فوقَ، وتحتَ، وأمامَ؛ لا يُفهم المرادُ منها إلا بالإضافة؟

وعبارةُ الجُزُوليِّ: ما له اسمٌ بالإضافة إلى غيره، قال الشَّلَوْبِينُ (٦): وقد يريد بذلك أن نحو: "أمامَ" لا بدَّ له من أمامٍ آخرَ، وكذا "خلف"، لا بدَّ له مما هو دونه هو له


(١) كذا في المخطوطة، ولعل الصواب ما في التذييل والتكميل ٧/ ٢٥٩: مصدر.
(٢) الحاشية في: ١٤/أ.
(٣) هو رجل من بني ضبَّة.
(٤) بيت من مشطور الرجز. الفارج: الفاتح. ينظر: الكتاب ١/ ١٨٥، والمقتضب ٤/ ١٤٥، وأمالي ابن الشجري ١/ ٣٧٨، وأساس البلاغة (ب هـ م) ٣٢، وشرح الكافية الشافية ٢/ ٩١٠.
(٥) المقدمة الجزولية ٨٧.
(٦) شرح المقدمة الجزولية الكبير ٢/ ٧٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>