للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَطِنٍ، وفي الفعل يقولون: عَقَلَ أبوه فَطِنَ هو، ولم يقولوا: عَقَلَتْ أمُّه فَطِنَت؛ إلا بـ"هي"، ولا قالوا أيضًا: عَقَلَ أبوه فَطِنَ؛ إلا بذكر "هو"، فالحاصلُ: أنه إذا اتَّضح المعنى ربطوا بالمعنى في الصفة دون الفعل، وإن لم يتَّضح ربطوا في الفعل والوصف بالضمير، ومسائلُ الأَخْفَش مبنيَّةٌ على ذلك.

فهذا حكم الصفتين المكرَّرتين، وهو خاص بالتكرار، والنحاةُ أغفلوا تحقيقَ هذا، وأنت تسمع من كلام العرب الربطَ بالمعنى في الصفة المكرَّرةِ، ولا تجده في الفعل أَلْبَتَّةَ.

ع: رأيت بعدُ لابن عُصْفُورٍ كلامًا يقوِّي ما قلتُه: قال في "شرح الأَبْيات" (١) بعد أن أجاز في:

مَمْطُولٌ مُعَنًّى غَرِيمُهَا (٢)

أن ترفع (٣) الغريمَ بـ"ممطول"، وفي "مُعَنًّى" ضميرُه، وقال: وارتباطُه به معنًى (٤) لا لفظٌ؛ لأن الضمير فيه لَمَّا عاد على ما أُضيف إلى ضمير المتكلم (٥) صار كأنَّه قال: مُعَنًّى غريمُها، ولا يرتفع "غريمُها" بـ"مُعَنًّى"، وفي "مَمْطول" ضمير الغريم، ويكون رَبَطَ بالمعنى لا باللفظ؛ لأن ارتباط الخبر بالمبتدأ معنًى لا لفظًا غيرُ قياس، وإنما سمع في الثاني.

قال أبو الحَسَن في "الكَبِير" (٦): لا يجوز عندي في القياس: مررت برجلٍ قاما وقعدا أبواه؛ لأني إنما سمعت هذا في المؤخَّر، نحو: برجلٍ حَسَنٍ أبواه جميلَيْن، فلا يقاس عليه. انتهى.


(١) لم أقف عليه في مطبوعة "المفتاح في شرح أبيات الإيضاح"، ولعله مما فقد منه.
(٢) بعض بيت من الطويل، لكُثَيِّر عَزَّة، وهو بتمامه:
قَضَى كلُّ ذي دينٍ فوفَّى غَرِيمَه ... وعَزَّةُ ممطولٌ مُعَنًّى غَرِيمها
غَرِيم: مَنْ عليه دين، ومَمْطول: مُسَوَّفٌ به، ومُعَنًّى: مأسور. ينظر: الديوان ١٤٣، والشعر والشعراء ١/ ٥٠١، والبصريات ١/ ٥٢٤، والإنصاف ١/ ٧٦، وشرح التسهيل ٢/ ١٦٦، والتذييل والتكميل ٧/ ٧١، والمقاصد النحوية ٣/ ١٠١٠.
(٣) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(٤) مكررة في المخطوطة.
(٥) انقطعت في المخطوطة، ولعلها كما أثبت.
(٦) لم أقف على كلامه، وينظر: التذييل والتكميل ٤/ ٣٥، ٣٦، وارتشاف الضرب ٣/ ١١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>