للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلَّمه بذاته، فهبط بذاته من السماء، والتحم (١) في بطن مريم، فأخذ منها حجابًا، وهو مخلوقٌ من طريق الجسم، وخالقٌ من طريق النفس، وهو الذي خلق جسمَه (٢) وخَلَق أُمَّه، وأمُّه كانت من قبله بالنَّاسوت، وهو كان من قبلها باللَّاهُوت، وهو الإله التَّام، والإنسان التَّام، ومن تمام رحمته ! (٣) - على عباده: أنَّه رضي بإراقة دمه عنهم على خشبة الصليب، فَمَكَن أعداءَه اليهودَ مِنْ نَفْسِه ليتمَّ سخطه عليهم، فأخذوه، وصلبوه وصفعوه، وبصقوا في وجهه، وتوَّجوه بتاجٍ من الشَّوْك على رأسه، وغار دمُهُ (٤) في إصبعه لأنه لو وقع منه شيء إلى الأرض لَيَبِسَ كلُّ ما كان على وجهها، فنَبَتَ (٥) في موضع صَلْبِه النُّوَّارُ (٦).

ولما لم يكن في الحكمة الأزليَّة أنْ ينتقم الله مِنْ عَبْدِه العاصي الذي ظَلَمَه أو استهانَ بِقَدْره؛ لاعتلاء منزلة الربِّ وسقوطِ منزلة العَبْد = أراد -سبحانه- أن ينتصف من الإنسان الذي هو إلهٌ مِثْلُه، فانتصف من خطيئة آدم بصلب (عيسى المسيح الذي هو إلهٌ مساوٍ له في الإلهيَّة، فصلب ابن الله) (٧) -الذي هو الله- في الساعة التاسعة من يوم الجمعة. هذه ألفاظُهم في كتبهم!!.


(١) في "غ": "وتلحم".
(٢) في "غ": "حشمه".
(٣) هكذا في السياق، وهذا تهكم من المؤلف بأولئك الذين قالوا تلك المقالة.
(٤) في "غ، ص": "وفار".
(٥) في "غ": "فثبت".
(٦) في "غ": "النور". والنُّوّار كالنَّور: زهر النبت.
(٧) ساقط من "غ".

<<  <  ج: ص:  >  >>