للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واديه الأيمن من البقعة المباركة من الشجرة التي فيه، وأقسم بالبلد الأمين: وهو مكةَ التي أسكن إبراهيم وإسماعيل وأمَّه فيه، وهو فاران كما تقدم، ولما كان ما في التوراة خبرًا عن ذلك أخبر به علي الترتيب الزمانيِّ، فقدَّم الأسبق، ثم الذي يليه. وأمَّا القرآن فإنَّه أقسم بها تعظيمًا لشأنها وإظهارًا لقدرته وآياته وكتبه ورسله، فأقسم بها علي وجه التدريج درجةً بعد درجةً، فبدأ بالعالي، ثم انتقل إلى أعلي منه، ثم أعلي منهما، فإنَّ أشرفَ الكتب القرآنُ، ثم التوراة، ثم الإنجيل. وكذلك الأنبياء الثلاثة (١).

فصل

وهذا الذي ذكره ابن قتيبة وغيره من علماء المسلمين، مَنْ (٢) تأمل التوراة وجدها ناطقةً به صريحةً فيه، فإنَّ فيها: "وغدا إبراهيم فأخذ الغلام وأخذ خبزًا وسقاء من ماء ودفعه إلى هاجر وحمله عليها، وقال لها: اذهبي، فانطلقتْ هاجر، ونَفِدَ الماءُ الذي كان معها، فطرحتِ الغلامَ تحت شجرة، وجلستْ مقابلته علي مقدار رَمْيَةِ الحجر، لئلا تُبْصرَ الغلامَ حين يموت، ورفعتْ صوتها بالبكاء، وسمع اللهُ صوت الغلام حيث هو، فقال لها الملك: قومي فاحملي الغلامَ وشدِّي يدك به، فإني جاعله لأمة عظيمة، وفتح الله عينيها فبصرت ببئر ماء، فسقت الغلام، وملأت سِقَاءَهَا، وكان الله مع الغلام فتربَّى وسَكَنَ في برّيَّة فارانَ" (٣).

فهذا نصُّ التوراة: أن إسماعيل رُبِّي وسكن في برية "فاران" بعد أن


(١) ساقط من "ب، ج".
(٢) ساقط من "غ".
(٣) سفر التكوين: (٢١/ ١٤ - ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>