للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجوز أن تأتيَ شريعةٌ بخلافه، ولا يخبرَ نبيٌّ بخلافه أصلًا، فَتَرَك المُثلِّثة عُبَّادُ الصليب هذا كلَّه، وتمسَّكوا بالمتشابهِ من المعانى، والمُجْمَلِ من الألفاظ، وأقوالِ من ضلُّوا من قَبْلُ، وأضَلُّوا كثيرًا وضلُّوا عن سواء السبيل.

وأصولُ المثلِّثة ومقالتُهم في ربِّ العالمين تخالِفُ هذا كلَّه أشدَّ المخالفة وتبايِنُه أعْظَمَ المبايَنَةِ.

فصل

في أنه لو لم يظهر محمد بن عبد الله لبطلت نبوة سائر الأنبياء.

فظهورُ نبوته تصديقٌ لنبواتهم، وشهادةٌ لها بالصدق (١)، فإرسالُه من آيات الأنبياء قَبْلَه. وقد أشار -سبحانه- إلى هذا المعنى بعينه في قوله: ﴿بَلْ جَاَءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ٣٧]. فإن المرسلين بشَّروا به وأخبروا بمجيئه، فمجيئه هو نفس (صدق خبرهم) (٢)، فكان مجيئه تصديقًا لهم؛ إذْ هو تأويل ما أخبروا به. ولا تنافي بين هذا وبين القول الآخر: إنَّ تصديقَه المرسلين شهادتُه بصِدْقِهم (٣) وإيمانُه بهم، فإنه صدَّقهم بقوله ومجيئه، فشهد بصِدْقِهم بنفس مجيئهِ، وشهد بصدقهم (٤) بقوله.

ومثلُ هذا: قول المسيح: ﴿مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ


(١) في "ب، ج": "بالتصديق".
(٢) في "ج": "صدقهم".
(٣) في "ب، ج": "بتصدقيهم".
(٤) في "ج": "بنفس مجيئه".

<<  <  ج: ص:  >  >>