للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله ، فقال له الأُسقفُّ عند ذلك: قد -واللهِ- تَعَّسْتَ نبيًّا مُرْسَلًا، فقال له أبو علقمة: لا جَرَمَ -والله- لا أحُلُّ عنها عَقْدًا حتى آتِيَهُ، فضرب وجه ناقته نحو المدينة وثنَى الأسقفُ ناقته عليه، فقال له: افهف عنِّي، إنما قلتُ هذا (مخافةَ أن يبلغِ) (١) عني العربَ أنَّا (٢) أُخِذْنَا حُمْقةً أو نَخَعْنا لهذا الرَّجل بما لم تنخعْ به العربُ، ونحن أعزُّهم وأجمعهم دارًا، فقال له أبو علقمة: والله لا أُقيلك ما خرج (٣) من رأسك أبدًا، ثم ضرب ناقته يقول:

إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِيْنُهَا … مُعْتَرِضًا في بَطْنِهَا جَنِيْنُهَا

مُخَالِفًا دِيْنَ النَّصارَى دِيْنُهَا

حتى أتى النبيَّ فلم يزل معه حتى اسْتُشْهِدَ بعد ذلك (٤).

وإذا عُرِفَ هذا؛ فالعلم (٥) بأنَّه مذكورٌ في الكتب المتقدِّمة، يُعْرَفُ من وجوهٍ متعدِّدَةٍ:

(أحدها): إِخبارُ مَنْ قد ثبتت نبوَتُه قطعًا بأنَّه مذكورٌ عندهم في كتبهم؛ فقد أخبر به مَنْ قام الدليلُ القطعيُّ على صِدْقِه، فيجب تصديقُه فيه؛ إذْ تكذيبه -والحالة هذه- ممتنعٌ لذاته. هذا لو لم يُعْلَمْ ذلك إلا من


(١) في "غ": "ليبلغ".
(٢) في "غ": "فإنهم إن يروا".
(٣) في "غ": "خرع".
(٤) أخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى": (١/ ١٦٤ - ١٦٥) والبيهقي في "الدلائل": (٥/ ٤٨٥) وما بعدها، وانظر: "زاد المعاد" للمصنف (٣/ ٥٤٩) وما بعدها، "السيرة النبوية" لابن كثير: (١/ ١٠١) وما بعدها.
(٥) في "ب، ص": "فاعلم" وتحتها: "فالعلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>