للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أدبارِ الصَّلوات الخمس.

وليس هذا لأحدٍ من الأمم -لا أهل الكتاب ولا غيرهم- سواهم، فإنَّ اليهود يَجْمعون الناس بالبُوق، والنَّصاري بالناقوس، وأما تكبيرُ الله بأصوات مرتفعة، فشعار محمدِ بنِ عبد الله وأمَّتِه.

وقوله: "بأيديهم سيوف ذات شفرتين" فهي السيوف العربيةُ التي فتح الصحابةُ بها البلادَ، وهي إلى اليوم معروفة لهم.

وقوله: "يسبِّحون علي مضاجعهم" هو نعت للمؤمنين ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٩١].

ومعلوم قطعًا: أنَّ هذه البشارة لا تنطبق علي النصاري ولا تناسبهم، فإنهم لا يكبِّرون الله بأصوات مرتفعة، ولا بأيديهم سيوفٌ ذات شفرتين ينتقم الله بهم من الأمم. والنصاري تعيب مَنْ يقاتل الكفَّار بالسيف، وفيهم من يجعل هذا من أسباب التنفير عن محمد ، ولجهلهم وضلالهم لا يعلمون أنَّ موسي قاتل الكفَّار، وبعده يوشع بن نون، وبعده داود وسليمان وغيرهم من الأنبياء، وقبلهم إبراهيم الخليل -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-.

(الوجه الثامن) (١): قول داود: "ومن أجل هذا باركَ اللهُ عليك إلى الأبد، فتقلَّدْ أيها الجبارُ السيفَ، لأنَّ البهاءَ لوجهك، والحمد الغالب عليك، اركب كلمة الحق، وسَمْت التألُه، فإنَّ ناموسك وشرائعك مقرونة بهيبة يمينك، وسهامك مسنونة، والأمم يخرُّون تحتك" (٢).


(١) هذا الوجه أيضًا من "الجواب الصحيح": (٥/ ٢٣٧ - ٢٣٨).
(٢) العهد القديم، المزمور: (٤٥/ ٢ - ٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>