شاء الله ﷿ أن تكون رسالة محمد ﷺ خاتمة الرسالات السماوية، والتي اختصت عرفًا بمدلول كلمة "الإسلام" كما أن كلمة "اليهودية" أو "الموسوية" تخص شريعة موسى، ﵇، وما اشتق منها، وكلمة "النصرانية" أو "المسيحية" تخص شريعة عيسى ﵇ وما تفرع عنها.
وهذه الرسالة التي أنزلها الله على نبينا محمد ﷺ بلغت ذروة الكمال، وجاءت دعوة إنسانية عالمية، لا تخاطب قومًا بأعيانهم، ولا جنسًا بذاته، رضيها الله تعالى للناس دينًا، فكانت هي "الدين" الكامل الذي أتمَّ الله تعالى به علينا نعمته ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة/ ٣].
وبعد أن كان الموكب الكريم من الرسل والأنبياء ﵈ يرفع راية التوحيد، ويهتف كلٌ بقومه: ﴿يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾ [نوح/ ٢]، ﴿يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [الأعراف/ ٥٩] جاء خاتم النبيين وجامع كلمة المرسلين فجمع الرايات كلها تحت راية واحدة، وجعل ينادي الناس جميعًا: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة/ ٢١]، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [النساء/ ١٧٤]، ﴿هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ﴾ [إبراهيم/ ٥٢]، بل هو بلاغ لكل من بلغه خبره وانتهى إليه أمره في عصره وفي سائر العصور إلى يوم القيامة: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام/ ١٩]، والجن والإنس في