للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يصحُّ حمل هذه البشارة على المسيح باتفاق النَّصارى، لأنها إنما جاءت بواحدٍ من إخوة بني إسرائيل، وبنو إسرائيل وإخوتُهم كلُّهم عبيد ليس فيهم إله، والمسيح عندهم إلهٌ معبود، وهو أجلُّ عندهم مِنْ أنْ يكون من إخوة العبيد. والبشارة وقعتْ بعبدٍ مخلوقٍ يقيمه الله من جملة عبيده وإخوتهم، وغايتُه: أن يكون نبيًّا لا غاية له فوقها، وهذا ليس هو المسيح عند النَّصارى.

وأما قولُ المحرِّفين لكلام الله: إنَّ ذلك على حذف ألف الاستفهام، وهو استفهام إنكار، والمعنى: لا أُقيم لبني إسرائيل نبيًّا = فتلك عادةٌ لهم معروفة في تحريفِ كلام الله عن مواضعه، والكذب على الله، وقولهم لما يُبَدِّلونَه ويحرِّفونه: هذا من عند الله. وحَمْلُ هذا اَلكلام على الاستفهام والإنكار غاية ما يكون من التحريف والتبديل (١).

وهذا التحريفُ والتبديلُ من معجزات النبيِّ (التي أخبر بها عن الله؛ من تحريفهم وتبديلهم، فأظهر الله) (٢) صِدْقَه في ذلك لكل ذي لُبٍّ وعقل، فازداد إيمانًا إلى إيمانه، وازداد الكافرون رِجْسًا إلى رِجْسهم.

(الوجه الثاني) (٣): قال في التوراة في السِّفْرِ الخامس: "أقْبَلَ الله من سِيْنَا، وتجلَّى من سَاعِيْر، وظهر من جبال فَارَانَ، ومعه رَبَواتُ الأطْهَارِ


(١) انظر: "تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب"، للمهتدي أبي محمد عبد الله الترجمان الميورقي، ص (٢٦٠ - ٢٦٤).
(٢) ساقط من "غ".
(٣) تقدم الوجه الأول في ص (١١٩). وانظر: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح" لابن تيمية: (٥/ ١٩٩) وما بعدها، "بذل المجهود في إفحام اليهود" للسموأل بن يحيى المغربي، ص (٦٧ - ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>