للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: فإنه قال: "نبيًّا مثلك"، وهذا يدلُّ على أنّه صاحبُ شريعةٍ عامةٍ مثل موسى، وهذا يُبْطِلُ حَمْلَه على شمويل من هذا الوجه أيضًا.

ويبطُل حَمْلُهُ على يوشع من ثلاثةِ أوجهٍ:

"أحدها": أنه من بني إسرائيل لا من إخوتهم.

"الثاني": أنه لم يكن مِثْل موسى، وفي التوراة (التي بأيديهم) (١): "لا يقوم في بني إسرائيل مثل موسى" (٢).

"الثالث": أن يوشع نبيٌّ في زمن موسى، وهذا الوعد إنما هو بنبيٍّ يقيمه الله بَعْد موسى.

وبهذه الوجوه الثلاثة يبطُل حملُه على هارون، مع أنَّ هارون توفي قبل موسى، ونبَّأه الله مع موسى في حياته.

ويبطل ذلك من وجه "رابع" أيضًا: وهو أنَّ في هذه البشارة أنه يُنْزِلُ عليه كتابًا يَظْهر للناس (٣) مِنْ فيه، وهذا لم يكن لأحدٍ بعد موسى غير النبيِّ ، وهذا من علامات نبوته التي أَخبرتْ بها الأنبياءُ المتقدِّمون، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ (١٩٦) أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء: ١٩٢ - ١٩٧].

فالقرآنُ نَزلَ على قلب رسولِ الله وظهر للأمة من فيه.


(١) ساقط من "ب، ج، ص".
(٢) انظر: سفر التثنية، الإصحاح (٣٤)، فقرة (١٠).
(٣) في "غ": "الناس".

<<  <  ج: ص:  >  >>