للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا نقضُهم ميثاقَهم، وتبديلُهم أحكامَ التوراة، وتحريفُهم الكَلِمَ عن مواضعه، وأكلُهم الرِّبا وقد نهوا عنه، وأكلهُم الرِّشا، واعتداؤهم في السبت حتى مُسِخوا قِرَدةً، وقَتْلُهم الأنبياءَ بغير حقٍّ، وتكذيبُهُم عيسى ابن مريم رسول الله، ورَمْيُهُم له ولأُمِّه بالعظائم، وحِرْصُهم على قتله، وتفرُّدُهم دون الأمم بالخبث والبهت، وشِدَّةُ تكالبهم على الدنيا وحرصهم عليها، وقسوة قلوبهم، وحسدهم، وكثرة سحرهم (١) = فإليه النِّهايةُ.

وهذا وأضعافُه -من الجهل وفساد العقل- قليلٌ على من كذَّب رُسُلَ الله، وجَاهَرَ بمعاداتِهِ ومعاداة ملائكتِه وأنبيائِه وأهلِ ولايتِهِ.

فأيُّ شيء عَرَفَ من لم يَعْرفِ اللهَ ورُسُلَه؟! وأيُّ حقيقةٍ أدرك من فاتَتْهُ هذه الحقيقة؟! وأيُّ علمٍ أو عملٍ حصل لمن فاته العِلْمُ بالله، والعملُ بمرضاته، ومعرفةُ الطريقِ الموصلةِ إليه، ومآله بعد الوصولِ إليه؟!

فصل

فأهلُ الأرضِ كلُّهم في ظلمات الجهلِ والغيِّ (٢) إلا من أَشْرَق عليه نورُ النبوة، كما في "المسند" وغيره من حديث عبدِ الله بنِ عَمْرو، عن النبيِّ قال: "إنَّ الله خَلَقَ خَلْقَهُ في ظُلْمةٍ وألْقَى عليهم من نوره، فَمَنْ أصابَهُ من ذلك النُّور: اهتدى، ومَنْ أخطأه: ضَلَّ، فلذلك أقول: جَفَّ القَلم على عِلْمِ اللهِ" (٣).


(١) في "ص": "سخرهم".
(٢) في "ج": "البغي".
(٣) أخرجه الإمام أحمد: (٢/ ١٧٦)، والترمذي في الإيمان، باب افتراق هذه =

<<  <  ج: ص:  >  >>