للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك (١) بَعَثَ اللهُ رُسُلَه (لِيُخْرِجُوا النَّاسَ) (٢) من الظُّلماتِ إلى النُّور، فمَنْ أجابهم: خرجَ إلى الفَضَاءِ والنُّورِ والضِّياءِ، ومَنْ لم يُجبْهم: بَقِيَ في الضِّيق والظُّلْمَةِ التي خُلِق فيها، وهي: ظلمة الطَّبْع، وَظلمة الجهلِ، وظلمة الهوى، وظلمة الغَفْلة عن نفسه وكمالها، وما تسعد به في معاشِهَا ومَعَادِهَا.

فهذه كلُّها (٣) ظلماتٌ، خُلِقَ فيها العبد، فَبَعَثَ اللهُ رسلَه لإخراجه منها إلى نور (٤) العِلْم والمعرفةِ والإيمان والهدى الذي لا سعادةَ للنفس بدونه البتَّة، فمن أخطاه هذا النورُ: أخطأه حظُّه وكمالُه وسعادتُه، وصار يتقلَّب في ظلماتٍ بعضُها فوق بعض، فمدخلُه ظلمةٌ، ومخرجُه ظلمةٌ، وقولُه ظلمةٌ، وعَمَلُه ظلمةٌ، وقَصْدُه ظلمةٌ، وهو متخبِّطٌ في ظلماتِ طبعِه وهواهُ وجهلِهِ، وقَلْبُه مظلمٌ، ووجهُه (٥) مظلمٌ، لأنه يبقى على الظلمةِ الأصليَّةِ، ولا يناسِبُه من الأقوالِ والأعمالِ والإرادة والعقائد إلا ظلماتُها. فلو أشْرَقَ له شيءٌ من نور النبوَّة لكان بمنزلة إشراقِ الشمس على بصر (٦) الخُفَّاش.


= الأمة: (٧/ ٤٠١) وقال: "هذا حديث حسن"، والحاكم: (١/ ٣٠ - ٣١).
وقال: "هذا حديث صحيح تداوله الأئمة، وقد احتجا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علة". وقال الذهبي: "على شرطهما ولا علة له"، وصححه ابن حبان. انظر: "موارد الظمآن" للهيثمي، ص (٤٤٩).
(١) في "ص، غ": "وكذلك".
(٢) في "غ": "للناس ليخرجوهم".
(٣) في "غ، ص": "جميعها".
(٤) ساقط من "ص، د".
(٥) ساقط من "ج".
(٦) في "ب، غ، ج": "بصائر".

<<  <  ج: ص:  >  >>