للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جمع الله سبحانه بين هذين الأصلين في قوله: ﴿قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا﴾ [الملك: ٢٩]، (فهو عائد إلى الله) (١) وقال موسى لقومه: ﴿يَاقَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٨٤]، وهو كثير في القرآن، وقد أخبر أنه أيده بروح العلم وخوف الله، فجمع بين العلم والخشية. وهما الأصلان اللذان جمع القرآن بينهما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: ٢٨].

وفي قول النبي : "أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية" (٢) وهذا شأن العبد المحض، وأما الإله الحق وربُّ العالمين فلا يلحقه خوف ولا خشية ولا يعبد غيره، والمسيح كان قائمًا بأوراد العبادات لله أتَمَّ القيام!!.

فصل

وإنْ أوجبتم له الإلهيَّة بقول إشَعْيَا: "إنَّ غلامًا وُلِدَ لنا وإننا أعطيناه كذا وكذا، ورياستُه على عاتقيه وبين منكبيه، ويُدعى اسمه ملكًا عظيمًا عجيبًا إلهًا قويًّا مسلَّطًا رئيسًا، قوي السلامة في كل الدهور، وسلطانه كامل ليس له فناء" (٣).

قيل لكم: ليس في هذه البشارة ما يدلُّ على أن المراد بها المسيح بوجه من الوجوه، ولو كان المراد بها المسيح لم يدلَّ على مطلوبهم.


(١) ساقط من "ب، ج، ص".
(٢) أخرجه البخاري في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين: (٩/ ١٧٥) (الطبعة المنيرية).
(٣) سفر إشعياء: (٩/ ٦ - ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>