للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال السائل: إن قلتم: إنَّ عبد الله بن سلَام وكَعْبَ الأَحبار ونحوهما شهدوا لنا بذلك من كتبهم؛ فهلَّا أتى ابنُ سَلَام وأصحابُه الذين أسلَمُوا بالنُّسَخ التي لهم كي تكونَ شاهدةً علينا!

والجواب من وجوه:

(أحدها) أن شواهدَ النُّبُوة وآياتِها لا تنحصر فيما عند أهل الكتاب من نعت (١) النبي وصفته، بلِ آياتها وشواهدها متنوعة متعددة جدًّا، ونَعْتُه وصفته في الكتب المتقدمة فرْدٌ من أفرادها.

وجمهور أهل الأرض لم يكن إسلامهم عن الشواهد والأخبار التي في كتبهم (٢)، وأكثرهم لا يعلمونها ولا (سمعوا بها) (٣)، بل أسلموا للشواهد التي عاينوها والآيات التي شاهدوها، وجاءت تلك الشواهد التي عند أهل الكتاب مُقَوِّيةً عاضدةً، من باب تقوية البيِّنة وقد تمَّ النِّصَابُ بدونها.

فهؤلاء العرب من أولهم إلى آخرهم لم يتوقف إسلامهمِ على معرفة ما عند أهل الكتاب من الشواهد، وإن كان ذلك قد بلغَ بَعْضهم وسمعه منهم قبل النبوة وبعدها، كما كان الأنصار يسمعون من اليهود صفةَ النبيِّ ونَعْتَه ومَخْرَجَه، فلمَّا عاينوه وأبصروه عَرَفُوه بالنعت الذي أخبرهم به اليهود فسبقوهم إليه، فشَرِقَ أعداءُ الله بِرِيْقِهِم وغَصُّوا بمائهم، وقالوا:


(١) في "د": "بعث".
(٢) في "غ، ص": "كتبكم".
(٣) في "غ، ص": "سمعوها".

<<  <  ج: ص:  >  >>