بدأ الحوار مع أهل الكتاب منذ فترة مبكرة في تاريخ الإسلام، تعود إلى عصر النبي ﷺ، فقد حفل القرآن الكريم بمناقشة أهل الكتاب والردِّ عليهم.
فاليهود الذين عاصرهم النبي ﷺ في المدينة بعد الهجرة، وقد كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج ببعثة نبي جديد؛ هم الذين كفروا بالنبي ﷺ وناصبوه العداء منذ اللحظة الأولى، وتنوعت وسائلهم في الصدِّ عن الدعوة والمماطلة والجدال وإلقاء الشبهات وإثارة الحرب الفكرية والنفسية، ونقض العهود والمواثيق.
وكان القرآن الكريم يتولى مناقشتهم والردَّ عليهم وبيان مؤامراتهم، كما أوضح تحريفهم لكتبهم، ورسم صورةً صادقة لطبيعتهم ونفسيتهم.
وبعد أن خرج اليهود من الجزيرة العربية، قاموا بدور كبير في عدائهم لهذا الدين -ومنهم من دخل فيه ظاهرًا وهم على حقد وضغينة- وقد بدأ اتصالهم بالمسلمين لإثارة الفتنة، فكان لعبد الله بن سبأ دوره في الفتنة في عهد عثمان بن عفان ﵁ ثم تتابعت مظاهر الفتنة في نشر فكرة الإمام المعصوم والوصية والرجعة التي تلقفتها عنهم الفرق الباطنية، وأثاروا الجدل بين المسلمين حول الذات الإلهية والصفات، وهم الذين عرف عنهم التشبيه والتجسيم، كما هو مكتوب في كتبهم، وقد انتقلت هذه الأفكار إلى التراث الإسلامي فيما عرف باسم "الإسرائيليات" في كتب التفسير والحديث.
وأثاروا أيضًا بين المسلمين الجدل حول الجبر والاختيار وغير ذلك