من أمور العقيدة، وعندئذ قام المسلمون بالردّ على مفتريات اليهود وشبهاتهم وناقشوا عقائدهم، واتخذوا لذلك منهجًا يقوم على النظر والدليل.
وأما النصارى؛ فقد بدأ الجدل بينهم وبين المسلمين في الحبشة أولًا، عند الهجرة الأولى للمسلمين، في حقيقة المسيح، وفي الكلمة، وفي غير ذلك من مسائل تدور حول العقيدة الإسلامية في المسيح. ثم جاء وفد نصارى نجران إلى المدينة وجادلوا النبي ﷺ في شأن عيسى ﵇، وقد دعاهم النبي ﷺ إلى المباهلة. قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [آل عمران/ ٦١].
ثم وصل الإسلام إلى الشام والعراق ومصر، فبدأت النصرانية تنازعه نزاعًا فكريًا شديدًا. وثار الجدل حول طبيعة المسيح وحول مسائل الألوهية، وفكرة الجوهر والعَرَض، والأقانيم الثلاثة والوحدانية، وفكرة الخطيئة والصَّلب. وبلغ الجدل ذروته من الشدة بعد "يوحنا الدمشقي"(طبيب الأمويين الذي وضع للنصارى أصول الجدل مع المسلمين) على يد نصراني آخر هو "يوحنا النقيوسي" المصري الذي رحل إلى الحبشة وبدأ يرسل رسائله إلى أقباط مصر، يحاول فيها مناقشة العقائد الإسلامية، والحيلولة دون اعتناقهم الإسلام في عهد الدولة العباسية (١).
(١) انظر: "نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام"، د. علي سامي النشار: (١/ ٦١ - ٦٢).