للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتباعُه السَّهلَ والجبلَ.

ولا يكثر علي الشعب الذي نطقت التوراة بأنَّهم عَادِمو الرأي والفَطَانة أَنْ ينقسموا إلي جاهلٍ بذلك، وجاحدٍ مكابِرٍ معاندٍ، ولفظُ التوراة فيهم: "إنهم لشعبٌ عادمُ الرّأي، وليس فيهم فِطَانة" (١).

ويقال لهؤلاء المكابرين: أيُّ نبوةٍ خرجتْ من الشام فَاسْتَعْلَتِ (٢) استعلاءَ ضياءِ الشّمس، وظهرتْ فوقَ ظهور النبوَّتَيْن قبلها؟ وهل هذا إلا بمنزلة مكابرةِ مَنْ يري الشمس قد طلعت من المشرق فيغالط ويكابر، ويقول: بل طلعت من المغرب!!.

(الوجه الثالث): قال في التوراة -في السِّفر الأول-: "إن المَلَك ظهر لِهَاجَرَ أمِّ إسماعيل، فقال: يا هاجر مِنْ أين أقبلتِ؟ وإلي أين تُرِيْدِينَ؟ فلما شرحت له الحال، قال: ارجعي، فإنّي سأكثِّر ذرِّيَّتَك وزَرْعَكِ حتي لا يُحْصَوْنَ كثرةً، وها أنتِ تَحْبَلينَ وتَلِدينَ ابنًا أسمِّيه (٣) إسماعيل، لأن الله قد سمع تذلُّلَك وخضوعَك وولدك يكون وحشيَّ الناس وتكون يده علي الكلِّ، ويَدُ الكلِّ مبسوطة إليه بالخضوع" (٤).

وهذه بشارةٌ تضمنتْ أَنَّ يدَ ابنِها علي يد كل الخلائق، وأنَّ كَلِمَتَهُ العليا، وأنَّ أيدي الخَلْق تحت يده. فمَنْ هذا الذي ينطبق عليه هذا الوصف سوي محمد بن عبد الله -صلوات الله وسلامه عليه-؟!


(١) سفر التثنية، الإصحاح (٣٢)، فقرة (٢٨).
(٢) في "غ": "فاستعلنت".
(٣) في "غ": "لتسمّيه".
(٤) سفر التكوين، الإصحاح (١٦)، فقرة (٧ - ١٢). وانظر: "أعلام رسول الله المنزلة علي رسله" لابن قتيبة، لوحة (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>