للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقبيح على الحسن، والباطل على الحق، وأنهم اختاروا من العقائد أَبْطَلَها، ومن الأعمال أَقْبَحَها، وأطبقَ على ذلك أساقفتُهُم وبتاركتهم ورهبانهم فضلًا عن عوامِّهِمْ وسَقَطِهِمْ.

فصل

ولم يقل أحد من المسلمين: إن من ذكرتم من صغير وكبير، وذكر وأنثى، وحُرٍّ وعبد، وراهب وقِسِّيس، كلهم تبيَّن له الهدى. بل أكثرهم جُهَّال بمنزلة الدوابِّ السَّائمة، معرضون عن طلب الهدى، فضلًا عن تبيينه لهم، وهم مقلِّدون لرؤسائهم وكبرائهم وعلمائهم -وهم (١) أقل القليل وهم الذين اختاروا الكفر على الإيمان بعد تَبَيُّن الهدى.

وأيُّ إشكال يقع للعقل في ذلك؟ فلم يزل في الناس من يختار الباطل؛ فمنهم من يختاره جهلًا وتقليدًا لمن يُحْسِنُ الظنَّ به، ومنهمٍ من يختاره (مع علمه ببطلانه كبرًا وعُلُوًّا، ومنهم من يختاره طمعًا ورغبةً في مأكلٍ أو جاهٍ أو رياسةٍ، ومنهم من يختاره) (٢) حَسَدًا وبَغْيًا، ومنهم من يختاره محبة في صورة وعِشْقًا، ومنهم من يختاره خشيةً، ومنهم من يختاره راحةً ودَعَةً. فلم تنحَصِرْ أسبابُ اختيارِ الكُفْرِ في حُبِّ الرِّيَاسةِ والمَأْكَلَةِ لا غير (٣).


(١) في "غ": "وهو".
(٢) ساقط من "غ، ج".
(٣) "لا غير" من "ب" فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>