للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي هي صنعة يد الإنسان!

فالذين اختاروا هذه الصَّلاةَ على صلاةِ مَنْ إذا قام إلى صلاته طَهَّر أطرافَه وثيابَهُ وبدنَهُ من النَّجاسة، واستقبل بيتَه الحرامَ، وكبَّر الله وحمده وسبَّحه، وأثْنَى عليه بما هو أهلُه، ثم ناجاه (١) بكلامه المتضمِّن لأفضل (٢) الثَّناء عليه وتحميده وتمجيده وتوحيده، وإفراده بالعبادة والاستعانة وسؤاله أجَلَّ مسؤول -وهو الهداية إلى طريق رضاه التي خصَّ بها مَنْ أنعم الله عليه دون طريق الأُمَّتَيْن المغضوبِ عليهم وهم اليهود، والضَّالين وهم النصارى- ثم أعطى كل جارحةٍ من الجوارح حظَّها من الخشوع والخضوع والعبودية، مع غاية الثناء والتمجيد لله ربِّ العالمينِ، لا يلتفت عن معبوده بوجهه، ولا قلبه، ولا يكلِّم أحدًا كلمة، بل قد فزَغ قَلْبَهُ لمعبوده وأقبلَ عليه بقلبه ووجهه، ولا يُحْدِث في صلاته، ولا يجعل بين عينيه صورة مصنوعة يدعوها ويتضرَّع إليها.

فالذين اختاروا تلك الصلاةَ -التي هي في الحقيقة استهزاءٌ بالمعبود لا يرضاها المخلوق لنفسه فضلًا أن يرضى بها الخالق- على هذه الصلاة التي لو عُرِضَتْ على من له أدنى مُسْكَةٍ مِنْ عقل لظهر له التفاوت بينهما = هم الذين اختاروا تكذيبَ رسولهِ وعَبْدِه على الإيمان به وتصديقه!!

فالعاقل إذا وَازَنَ بين ما اختاروه ورغبوا فيه، وبين ما رغبوا عنه = تبيَّن له (أنَّ القوم) (٣) اختاروا الضلالة على الهدى، والغيَّ على الرَّشاد،


(١) في "ج": "ثم نجاه".
(٢) في "ب، ج": "لا لفضل".
(٣) في "ج": "أنهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>