للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأما المسألة الثانية

وهي قولكم: هَبْ أنَّهم اختاروا الكفر لذلك، فهلَّا اتَّبع الحقَّ مَنْ لا رياسةَ له ولا مأكلة، إمَّا اختيارًا وإمَّا قهرًا؟

فجوابه من وجوه:

(أحدها): أنَّا قد بَيَّنَّا أنَّ أكثر مَنْ ذكرتم قد آمن بالرَّسول وصدَّقَهُ اختيارًا لا اضطرارًا، وأكثرُهم أُولو العقولِ (١) والأحلامِ والعلومِ، ممن لا يُحْصِيهم إلا الله؛ فرقعة الإسلام إنما انتشرتْ في الشرق والغرب بإسلام أكثر الطوائف، فدخلوا في دين الله أفواجًا حتى صار الكفار (٢) معهم تحت الذلة والصغار.

وقد بينَّا أنَّ الذين أسلموا من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين أَكثرُ من الذين لم يُسْلِمُوا، وأنَّه إنما بقي منهم أقلُّ القليل، وقد دخل في دين (٣) الإسلام من ملوك الطوائف ورؤسائهم، في حياة رسول الله ، خلقٌ كثير.

وهذا مَلِكُ النَّصارى على إقليم الحبشة في زمن النبيِّ ، لما تبيِّن له أنَّه رسولُ الله آمن به، ودخل في دينه، وآوى أصحابَهُ ومَنَعَهُمْ من أعدائهم.


(١) في "ج": "العقل".
(٢) في "ج": "الكافر".
(٣) ساقط من "ب، ج".

<<  <  ج: ص:  >  >>