للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في وجهه ويُنَادى عليه: هذا جزاء من لا يبني بيت أخيه (١).

فلم يَكْفِهم أن كذبوا عليه حتى أقاموه مقام الخزي وألزموه بالكذب والبصاق في وجهه والعتاب على ذَنْبٍ جرَّه غيره، كما قيل:

وَجُرْمٍ جَرَّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ … وحَلَّ بِغَيْرِ جَارِمِهِ العَذَابُ (٢)

أفَلَا يستحي من تعيير المسلمين مَنْ هذا شَرْعُه ودِيْنُه؟!.

فصل

ولا يستبعد اصطلاح الأمة الغضبيَّة على المُحَال واتِّفاقُهم على أنواع من الكفر والضلال، فإنَّ الدولة إذا انقرضت عن أمة باستيلاء غيرها عليها، وأَخْذِ بلادها: انطمستْ حقائقُ سالفِ أخبارِها، ودَرَسَتْ معالِمُ دينها وآثارها، وتعذَّر الوقوف على الصواب الذي كان عليه أوَّلُوها وأسْلَافُها، لأنَّ زوال الدولة عن الأمة إنما يكون بتتابعِ (٣) الغارات، وخراب البلاد وإحراقِها وجلاءِ أهلها عنها، فلا تزال هذه البلايا متتابعةً عليها إلى أن تستحيلَ رسومُ دياناتها، وتضمحلَّ أصولُ شرعها، وتتلاشى قواعدُ دِيْنها. وكلَّما كانت الأمة أقْدَمَ واختلفتْ عليها الدول المُتَناوِلَةُ لها بالإذلال والصَّغَار كان حظُّها من اندراس دينها أَوْفَرَ. وهذه


(١) سفر التثنية: (٢٥/ ٧ - ١٠). وانظر: "بذل المجهود في إفحام اليهود" للسموأل ص (١٧٩ - ١٨١).
(٢) البيت لأبي الطيب المتنبي، الديوان ص (٩٥٤) يقول: كم جرم جناه السفهاء فعمَّ عقابُه القبيلة كلها. والبيت استشهد هنا به أيضًا السموأل بن يحيى المغربي في الموضع السابق، ص (١٨١).
(٣) في "غ": "تتتابع" وفي "ب": "شايع الامارات".

<<  <  ج: ص:  >  >>