الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. والحمد لله الذي لا يؤدَّى شكرُ نعمة من نِعَمه إلا بنعمةٍ منه توجب على مؤدِّي ماضي نعمه بأدائها: نعمةً حادثة يجب عليه شكره بها.
أحمده حمدًا كما ينبغي لكرم وجهه وعزِّ جلاله، وأستعينه استعانة من لا حول له ولا قوة إلا به، وأستهديه بهداه الذي لا يضل من أنعم به عليه، وأستغفره لما أزلفت وأخَّرت: استغفار من يقرُّ بعبوديته، ويعلم أنه لا يغفر ذنبه ولا ينجيه منه إلا هو.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، بعثه والناس صنفان:
(أحدُهما): أهل كتاب بدَّلوا من أحكامه، وكفروا بالله، فافتعلوا كذبًا صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أنزل إليهم. فذكر ﵎ لنبيه من كفرهم، فقال: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران/ ٧٨].