للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حجارةً وخُشُبًا وصورًا استحسنوها، ونبزوا أسماءً افتعلوها، ودعوها آلهةً عبدُوها. فأولئك العرب. وسلكت طائفةٌ من المعجم سبيلهم في هذا، وفي عبادة ما استحسنوا، فذكر الله لنبيه جوابًا من جواب بعضهم إذ قالوا: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢)[الزخرف/ ٢٢].

فلما بلغ الكتاب أجَلَه، فحقَّ قضاء الله بإظهار دينه الذي اصطفى: فتح أبواب سماواته برحمته، فكان خيرتُه المصطفى لوحيه، المنتخبُ لرسالته المفضل على جميع خلقه: محمدًا عبدَه ورسوله، فصلى الله عليه كما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون، وصلى عليه في الأولين والآخرين، أفضل وأكثر وأزكى ما صلى على أحدٍ من خلقه وسلم (١).

وبعد:

فإن الله بعث رسله، وأنزل كتبه وشرائعه، ليقوم الناس بالقسط والعدل، وختم الله تعالى هذه الشرائع برسالة نبينا محمد التي اختصها الله تعالى باسم "الإسلام"، فكانت هي الدين الكامل، والنعمة التامة، وجعلها مهيمنة على سائر الأديان، موجهة للناس كافة.

وقد وسعت البشريةَ كلَّها بدعوتها إلى التوحيد، وحملت مشعل النور إلى العالمين، وأعادت للإنسان حريته وكرامته، وأرست دعائم الحضارة التي تقوم على الإيمان والأخلاق، والعلم والعمل، والحق والعدل، كما عُنيت بتحديد العلاقات مع أهل الأديان الأخرى، الذين عاشوا في


(١) اقتباس من افتتاحية كتاب "الرسالة" للإمام الشافعي .

<<  <  ج: ص:  >  >>