للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هو الذي كنا نَعِدُهُمْ به.

فالعلم بنبوة محمدٍ والمسيح وموسى -صلوات الله وسلامه عليهم- لا يتوقف على (العلم بأنَّ مَن قبلهم أخبر بهم وبشَّر بنبوتهم، بل طرقُ العلم بها متعدِّدة) (١)، فإذا عُرِفتْ نبوةُ النبيِّ بطريقٍ من الطرق: ثبتتْ نبوتُه ووجب اتِّباعه، وإن لم يكن (٢) مَنْ قَبْلَه بشَّرَ به.

فإذا عُلِمَتْ نبوَّتُه بما قام عليها من البراهين؛ فإما أن يكون تبشير مَنْ قبله به لازمًا لنبوته، وإمَّا أن لا يكونَ لازمًا.

فإن لم يكن لازمًا: لم يجب وقوعُه، ولا يتوقَّف تصديق النبيِّ عليه، بل يجب تصديقه بدونه.

وإن كان لازمًا: عُلِمَ قطعًا أنه قد وقع، وعَدَمُ نَقْلِه إلينا لا يدلُّ على عدم وقوعه؛ إذ لا يلزم من وجود الشيء نَقْلُه العام، ولا الخاصّ، وليس كل ما أخبر به موسى (٣) والمسيح وغيرهما من الأنبياء المتقدِّمين وصل إلينا، وهذا مما يعلم بالاضطرار.

فلو قُدِّر أنَّ البشارة بنبوته ليست في الكتب الموجودة بأيديكم: لم يلزم أنْ لا يكون = (المسيحُ وغيره) (٤) بشَّروا به، بل قد يبشرون ولا يُنْقَلُ، ويمكن أن يكون في كتبٍ غيرِ هذه المشهورةِ المتداولة بينكم، فلم يزل عند كلِّ أمةٍ كتبٌ لا يطَّلَع عليها إلا


(١) ما بين القوسين ساقط من "غ، ص".
(٢) في "ب، ج": "يعلم أن".
(٣) في "ب، ج، ص": "تعالى" ولعله سهو.
(٤) ساقط من "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>