للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض خاصتهم فضلًا عن جميع عامَّتهم، ويمكن أنه كان في بعضها فأُزِيْلَ منه وبُدِّل، ونُسِخَتِ النُّسَخ من هذه التي قد غُيِّرت واشتهرت بحيث لا يعرف غيرها، وأُخْفِي أمْرُ تلك النسخ الأولى. وهذا كلُّه ممكن، لاسيما من الأمة التي تواطأت على تبديل دين نبيِّها. وشريعته. هذا كلُّه على تقدير عدم البشارة به في شيء من كتبهم أصلًا.

ونحن قد ذكرنا من البشارات به -التي في كتبهم- ما لا يمكن لمن له أدْنَى معرفةٍ منهم جَحْدُه والمكابرة فيه، وإن أمْكَنَهُم المغالطةُ بالتأويل عند رَعَاعِهِم وجُهَّالهم.

(الوجه الثاني): أنَّ عبد الله بن سلام قد قابل اليهود وأوقفهم (١) بين يدي رسول الله ﷺ على أنَّ ذِكْرَه ونعته وصفته في كتبهم، وأنهم يعلمون أنه رسول الله، وقد شهدوا بأنه أعلمُهم وابنُ أعلمِهِمْ وخيرُهم وابنُ خَيْرِهم. فلم يضرَّ قولُهم بعد ذلك إنّه شرُّهم وابنُ شرِّهم وجاهلُهم (وابنُ جاهلِهِم) (٢)، كما إذا شهد على رجل شاهدٌ عند الحاكم، فسأله عنه فَعدَّلَه وقال: إنه مقبول الشهادة عَدْل رضى لا يشهد إلا بالحقِّ، وشهادته جائزة عليَّ. فلما أدَّى الشهادة قال: إنه كاذبٌ شاهدُ زورٍ. ومعلومٌ أنَّ هذا لا يقدح في شهادته.

وأما كعب الأحبار فقد ملأ الدنيا من الأخبار بما في النبوات المتقدمة من البشارة به وصرح بها بين أظهر المسلمين واليهود والنصارى، وأذّن بها على رؤوس الملأ وصدَّقه مسلمو أهل الكتاب عليها، وأقرُّوه (٣) على


(١) في "غ، ص": "ووافقهم".
(٢) ساقط من "غ، ص".
(٣) في "غ، ص": "أخبروا".

<<  <  ج: ص:  >  >>