للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجَرَّدِ خَبَرِهِ، فكيف إذا تطابقت الأدلة على صحة ما أخبر به؟

(الوجه الثاني): أنِّه جعل الإخبارَ به مِنْ أعظم أدلَّ صِدْقِه وصِحَّةِ نبوَّته. وهذا يستحيلُ أن يَصْدُرَ إلا مِنْ واثقٍ كلَّ الوثوق بذلك، وأنِّه على يقينٍ جازمٍ به.

(الثالث): أنَّ المؤمنين به من الأحبار والرُّهْبَانِ الذين آثَرُوا الحقَّ على الباطل صدَّقوه في ذلك وشَهِدُوا له بما قالَ.

(الرابع): أنَّ المكذِّبين والجَاحِدِيْنَ لنبوَّته، لم يُمْكِنْهُم إنكارُ البِشَارةِ والإخبار بنبوَّة نبيٍّ عظيمِ الشَّأنِ، صفتُه كذا وكذا، وصفةُ أمَّتِهِ ومخرجه وشأنه، لكن جحدوا أنْ يكونَ هو الذي وقعتْ به البشارةُ وأنه نبيٌّ آخر غيره، وعَلِمُوا -هم والمؤمنون به من قومهم- أنَّهم ركبوا مَتْنَ المكابَرَةِ وامْتَطَوا غَارِبَ البَهْتِ.

(الخامس): أنَّ كثيرًا منهم صرَّح لخاصَّتِهِ وبِطَانَتِه بأنِّه هُوَ هُوَ بعيِنهِ، وأنَّه عازمٌ على عَدَاوَته ما بَقِيَ -كما تقدم-.

(السادس): أنَّ إخْبارَ النبيّ بأنَّه مذكورٌ في كتبهم، هو فَرْدٌ من أفراد إخباراته بما عِنْدَهُم في كتبهم من شأن أنبيائهم وقومهم، وما جرى لهم، وقَصَصِ الأنبياء المتقدِّمين وأُممهم، وشأنِ المبدأ والمعاد، وغيرِ ذلك مما أخبرتْ به الأنبياءُ.

وكل ذلك مما يعلمونَ صِدْقَه فيه ومُطابَقَتَهُ لِمَا عندهم، وتلك الإخباراتُ أكثر من أن تُحْصَى، ولم يكذِّبوه يومًا واحدًا في شيء منها، وكانوا أحْرَصَ شيءٍ على أن يظفروا منه بكَذْبةٍ واحدةٍ، أو غلطةٍ، أو سهوٍ، فينادون بها عليه، ويجدونَ بها السبيلَ إلى تنفيرِ النَّاس عنه. فلم

<<  <  ج: ص:  >  >>