للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عينه وردَّ عليه أمرَه: لا يذهبُ لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبنا (١) بجائحةٍ، وإنَّا لأدْنَى العرب منهم جوارًا، ولئن كان هذا الرجل نبيًّا مرسلًا فَلَاعَنَّاهُ = لا يبقى على وجه الأرض منَّا شعرةٌ ولا ظُفُر إلا هلَكَ.

فقال له صاحباه: فما الرأيُ يا أبا مريم؟ فقد وَضَعَتْكَ الأمور على ذراِع فهاتِ رأيك. فقال: رأي أنْ أُحَكِّمَهُ، فإِنّي أرى الرَّجلَ لا يحكم شَططا أبدًا، فقالا له: أنت وذاك، فَلَقِيَ شرحبيلُ رسولَ الله ، فقال: إنِّي قد رأيتُ خيرًا من مُلاعَنَتِكَ. فقال (٢): "ما هو"؟ قال شرحبيل: حَكَّمْتُك اليومَ إلى الليل، وليلتك إلى الصباح؛ فمهما حَكَمْتَ فينا فهو جائز، فقال رسول الله : "لعلَّ وراءك أحدًا يُثَرِّبُ عليك"؟ فقال له شرحبيل: سَلْ صَاحِبَيَّ فسألهما، فقالا: ما نَرِدُ الموارد، ولا نَصْدُرُ المصادِرَ إلا عن رأي شُرَحْبِيْل.

فرجعَ رسولُ الله ولم يُلَاعِنْهم، حتى إذا كان الغد أتَوْه، (فكتب لهم كتابَ صلحٍ ومُوَادَعَةٍ، فقبضوا كتابهم وانصرفُوا) (٣) إلى نجرانَ، فتلقَّاهم الأُسْقُفُّ ووجوه نجران على مسيرةِ ليلةٍ من نجران (٤)، ومع الأُسقف أخٌ له من أمه وهو ابن عمه من النسب، يقال له: أبو علقمة، فدفع الوَفْدُ كتابَ رسولِ الله إلى الأُسقف، فبينا هو يقرؤه وأبو علقمة معه وهما يسيران، إذْ كَبَتْ بأبي علقمةَ ناقَتُه، فَتَعَّسَ، غير أنَّه لا يَكْنِي عن


(١) في "غ": "يصيّرنا".
(٢) في "غ": "فقالوا".
(٣) ساقط من "غ".
(٤) "من نجران" ساقطة من "غ".

<<  <  ج: ص:  >  >>