للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخَلْفَهُ وعن يمينه وعن شمالِه ثمَّ لا يجد شيئًا يَقِي وجهَهُ حرَّ جهنَّمَ، لِيَقِ أحدُكم وجهَه النَّار ولو بشِقِّ تمرة، فإنْ لم يجدْ فبكلمةٍ طيِّبةٍ، فإنّي لا أخاف عليكم الفَاقَةَ، فإن الله ناصرُكُمْ ومُعْطِيْكُم حتّى تَسِيْرَ الظَّعِيْنَةُ فيما بين يَثربَ والحِيْرَةِ أو أكثر، ما يُخَافُ على مَطِيَّتِهَا السَّرَقُ" (١).

قال: فجعلتُ أقولُ في نفسي: فأين لُصُوصُ طيّ؟.

وكان عَدِيٌّ مطاعًا في قومه بحيث يأخذ المِرْبَاعَ (٢) من غنائمهم.

وقال حَمَّادُ بنُ زيدٍ، عن أيُّوبَ، عن محمدِ بنِ سِيْرِيْنَ، قال: قال أبو عُبَيْدَةَ ابنُ حُذَيْفَةَ (٣)، قال عديُّ بن حاتم: بعث الله محمدًا ﷺ فكرهته أشدَّ ما كرهتُ شيئًا قط، فخرجتُ حتى أتيتُ أقصى أرض العرب مما يلي الرُّوم، ثم كرهت مكاني أشدَّ مما كرهتُ مكاني الأول، فقلتُ: لو أَتَيْتُهُ فسمعتُ منه، فأتيتُ المدينةَ فَاسْتَشْرَفَنِي النَّاسُ، وقالوا جاء عديُّ ابنُ حاتمٍ الطَائي!؛ جاء عديُّ بنُ حاتمٍ الطَّائي!

فقال: "يا عديَّ بنَ حاتمٍ الطَائي) (٤)، أسْلِمْ تَسْلَمْ فقلت: إنّي على دينٍ.

قال: "أنا أعلم بدينِك منكَ" قلت: أنتَ أعلم بديني مني؟! قال: "نعم"، قال هذا ثلاثًا، قال: "ألستَ رَكُوسِيًّا"؟ (٥) قلتُ: بلى، قال:


(١) في "غ": "الشرف" وهو تصحيف. وفي "ج": "السَّوق".
(٢) المرباع: ربع الغنيمة.
(٣) في "البداية والنهاية": (٧/ ٢٩٦): "عن رجل".
(٤) ساقط من "غ".
(٥) أي تدين بالركوسية، وهي مذهب بين النصارى والصابئين.

<<  <  ج: ص:  >  >>