للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: هاتِ، قال: إنَّ لنا دينًا لن نَدَعَه إلا لِمَا هو خيرٌ منه وهو الإسلام الكافي به اللهُ فَقْدَ ما سِواه، إنَّ هذا النبيَّ دَعَا النَّاسَ فكان أشدَّهم عليه قريشٌ وأعْدَاهُمْ له يهودُ، وأقْرَبَهُمْ منه النَّصارى، ولَعَمْرِي ما بشارةُ موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمَّدٍ، عليهم أفضل الصلاة والسلام، وما دعاؤنا إيَّاك إلى القرآنِ إلا كدعائِكَ أهْلَ التوراةِ إلى الإنجيل، وكلُّ نبيٍّ أدرك قومًا فهم من أُمَّتِه، فالحقُّ عليهم أنْ يُطيعوه، فأنتَ مِمَّنْ أدرك هذا النبيَّ، (ولسنا ننهاك) (١) عن دين المسيحِ، ولكنَّنا نأمُرُك به.

فقال المُقَوْقِسُ: إنِّي قد نظرتُ في أمر هذا النبيِّ، فرأيتُه لا يأمر بمَزْهُودٍ به، ولا ينهى عن مرغوبٍ عنه، ولم أجِدْه بالسَّاحر الضَّالِّ، ولا اَلكاهنِ الكاذب، ووجدتُ معه آلة (٢) النُّبوَّةِ؛ من إخْراج (٣) الخَبءِ والإخبار بالنَّجْوَى، ووَصَفَ لحاطب أَشياء من صفة النبيِّ .

وقال: القِبْطُ لا يُطَاوعُونَنِي في اتَّباعهِ، ولا أُحبُّ أنْ تعلمَ بمُحَاوَرتِي إيَّاك، وأنا أَضِنُّ (٤) بمُلْكِي أنْ أفارِقَهُ (٥)، وسيظهرُ على بلادي (٦)، وينزل بساحتي (٧) هذه أصحَابُه من بعده، فارجع إلى صاحبك.

وأخذ كتابَ النبيِّ فجعله في حُقٍّ من عاجٍ، وختم عليه، ودفَعَهُ


(١) في "ب" بالهامش: "ولست أنهاك".
(٢) في "زاد المعاد": "آية".
(٣) في "ج": "أخرج".
(٤) في "ج، غ": "أظن".
(٥) في "ج": "فارقه".
(٦) في "ج": "البلاد".
(٧) في "ج": "بساحتنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>