للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغضب: إنه من علمائهم = فهو كذلك. وإذا كان أكثر من يَظُنُّ عوام المسلمين أنه من علمائهم ليس كذلك، فما الظنُّ بغيرهم؟!

وعلماءُ أهلِ الكتاب، إنْ لم يدخل فيهم مَنْ لم يعملْ بعِلْمه، فليس علماؤهم إلا من آمن به وصدَّقه، وإن دخل فيهم مَنْ عَلِمَ ولم يعمل (١) -كعلماء السوء- لم يكن إنكارُهم لنبوَّتِهِ قادحًا في شهادة العلماء العاملين بعلمهم.

(الحادي عشر): أنِّه لو قُدِّرَ أنِّه لا ذِكْرَ لرسولِ الله بنَعْتِه ولا صفته ولا علامته (٢) في الكتب التي بأيدي أهل الكتاب اليوم: لمَ يلزَمْ من ذلك أنْ لا يكونَ مذكورًا في الكتب التي كانت بأيدي أسلافهم وَقْتَ مبعثه، ولا تكون اتَّصلتْ على وجهها إلى هؤلاء، بل حرَّفَها أولئك، وبدَّلُوا وكَتَمُوا، وتواصَوا وكَتَبُوا ما أَرادُوا، وقالوا: هذا من عند الله.

ثم اشتهرت تلك الكتب وتناقلها خَلَفُهمْ عن سَلَفِهِمْ،، فصارت المُغَيَّرةُ المبدَّلة هي المشهورة، والصحيحةُ بينهم خفيَّةً جدًّا، ولا سبيل إلى العلم باستحالة ذلك، بل هو في غاية الإمكان؛ فهؤلاء السَّامرة غَيَّروا مواضع من التوراة! ثم اشتهرت النُّسَخُ المغيَّرة عند جميعهم، فلا يعرفون سواها، وهُجرَتْ بينهم النُّسَخُ الصحيحة بالكلية، وكذلك التوراة التي بأيدي النَّصارَى.

وهكذا تُبَدَّلُ الأديان والكتب، ولولا أنَّ الله سبحانه تولَّى حِفْظَ


(١) في "ب، ص": "يعلم".
(٢) في "ج": "علامته".

<<  <  ج: ص:  >  >>