للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يوجد مثل هذا أصلًا عن أحدٍ من الأنبياء قبل محمد ، فضلًا عن أن يوجد عن شيء نزل علي قلب بعض الحَوارِيِّيْنَ.

وأيضًا: فإنَّه قال: "ويعرِّفُكم جميعَ ما للربِّ". فبيَّن أنه يعرِّف الناس جميعَ ما لله. وذلك يتناول ما لله من الأسماء والصِّفات، وما لهُ من الحقوقِ، وما يجبُ من الإيمان به وملائكته وكتبه ورسله، بحيث يكون يأتي به جامعًا لما يستحقُّه الربُّ. وهذا لم يأتِ به غيرُ محمدٍ ؛ فإنه تضمَّن ما جاء به من الكتابِ والحكمةِ.

هذا كلُّه؛ وأيضًا: فإنَّ المسيح قال: "إذا جاء الفارقليط الذي أَرْسلَه أبي فهو يشهد لي، قلت لكم هذا حتي إذا كان تؤمنوا به" (١).

فأخبر أنه شهد له، وهذه صفةُ نبيٍّ بَشَّر به المسيح، ويشهد للمسيح، كما قال تعالي: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ [الصف: ٦].

وأخبر أنَّه يُوَبِّخُ العالَم علي الخطيئة، وهذا يستحيلُ حَمْلُه علي معنًى يقوم بقلب الحَوارِيِّيْنَ؛ فإنهم آمنوا به وشهدوا له قبل ذهابه، فكيف يقول إذا جاء فإنه يشهد لي ويوصيهم بالإيمان به؟

أَفَتَرَي الحواريين لم يكونوا مؤمنين بالمسيح!! فهذا مِنْ أعظمِ جَهْلِ النَّصاري وضَلَالِهِمْ؟!.

وأيضًا: فإنَّه لم يوجد أحدٌ وَبَّخَ جميعَ العالَم (٢) (على الخطيئةِ إلا


(١) إنجيل يوحنا: (١٥/ ٢٦ - ٢٧).
(٢) في "ب، ص، غ": "العالم من أصناف الناس".

<<  <  ج: ص:  >  >>