للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة، وأنه الله وابن الله، وهذا هو أخو المسيح الكذَّاب (١) -لو كان له وجود- فإنَّ المسيح الكذاب يزعم أنه الله.

والنصاري في الحقيقة أتباع هذا المسيح، كما أن اليهود إنما ينتظرون خُروجَه، وهم يزعمون أنهم ينتظرون النبيَّ الذي بُشِّروا به، فعوَّضهم الشيطان بعد مجيئه من الإيمان به انتظارًا للمسيح الدجَّال. وهكذا كلُّ مَنْ أعرض عن الحقِّ يُعَوَّض عنه بالباطل.

وأصل هذا: أنَّ إبليس لما أعرض عن السجود لآدم كِبْرًا أن يخضع له تعوض بذلك ذُلَّ القيادة لكلِّ فاسق ومجرم من بنيه، فلا بتلك النخوة ولا بهذه الحرفة. والنَّصاري لما أَنِفُوا أنْ يكون المسيح عبدًا لله تعوَّضوا من هذه الأنفة بأن رضُوا بجعلِه (٢) مَصْفَعَةَ اليهود، ومصلوبَهم الذي يسخرون منه ويهزؤون به، ثم عقدوا له تاجًا من الشَّوك بدل تاج الملك، وساقوه في حبل إلي خشبة الصَّلْب يصفقون حوله ويرقصون. فلا بتلك الأنفة له من عبودية الله ولا بهذه النسبة له إلي أعظم الذلِّ والضيق والقهر.

وكذلك أنِفُوا أن يكون للبترك والراهب زوجةٌ أو ولد وجعلوا لله ربِّ العالمين الوَلَدَ، وكذلك أنِفُوا أن يعبدوا الله وحْدَه لا شريك له ويطيعُوا عبدَه ورسولَه، ثم رضوا بعبادةِ الصليب والصُّوَر المصنوعة بالأيدي في الحيطان، وطاعةِ كلِّ مَنْ يحرِّم عليهم ما شاء ويحلِّل لهم ما شاء، ويشرع لهم من الدِّين ما شاء من تلقاء نفسه.


(١) ساقط من "ب، ج، ص".
(٢) في "غ": "أن يجعلوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>