للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن لبني إسماعيل فوقَهم يدٌ، ثم خرجوا منها لما بُعِث موسي، وكانوا مع موسي من أعزِّ أهل الأرض، ولم يكن لأحدٍ عليهم يَدٌ، ولذلك كانوا مع يوشع إلى زمن داود ومُلْكِ سليمانَ، الملكِ الذي لم يُؤْتَ أحدٌ مِثْلَه، فلم تكن يد بني إسماعيل عليهم، ثم بَعثَ اللهُ المسيحَ فكفروا به وكذَّبوه، فدمَّر عليهم تكذيبهم إياه وزال ملكهم، ولم يقم لهم بعده قائمة، وقطَّعهم الله في الأرض أُممًا.

وكانوا تحت حكم الروم والفرس وقهرهم، ولم يكن يد ولد إسماعيل عليهم في هذا الحال، ولا كانت فوق يد الجميع إلى أن بعثَ اللهُ محمدًا برسالته وأكرمه الله بنبوَّته فصارت بمبعثه يَدُ بني إسماعيل فوقَ الجميع، فلم يَبْقَ في الأرض سلطان أعزّ من سلطانهم، بحيث قهروا سلطانَ فارس والرُّوم والترك والدَّيْلم، وقهروا اليهودَ والنصاري والمجوسَ والصابئةَ وعُبَّادَ الأصنام، فظهر بذلك تأويلُ قولِه في التوراة: "ويكون يده فوق يد الجميع، ويد الكل به" (١). وهذا أمرٌ مستمرٌّ إلى آخر الدهر.

قالت اليهود: نحن لا ننكر هذا، لكن هذه بشارة بملكه وظهوره وقهره لا برسالته ونبوَّته.

قال المسلمون: المُلْكُ مُلْكانِ: مُلْكٌ ليس معه نبوَّة، بل ملك (٢) جبار متسلِّط، ومُلْأ نفسُه نبوَّة. والبشارة لم تقع بالملك الأول، ولاسيما إن ادَّعي صاحبه النبوة والرسالة وهو كاذبٌ مفترٍ (٣) علي الله فهو من


(١) ساقطة من "ب، ج".
(٢) ساقطة من "غ".
(٣) في "غ": "مفتري".

<<  <  ج: ص:  >  >>