للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولوا: لا إله إلا الله" (١).

وقوله: "إنَّ هذا في التوراة" لا يريد به التوراة المعيَّنة التي هي كتاب موسى؛ فإنَّ لفظ التوراة والإنجيل والقرآن والزبور: يُرَاد به الكتب المعيَّنة تارةً، ويُراد به الجنس تارةً. فيعبَّر بلفظ القرآن عن الزبور، وبلفظ التوراة عن القرآن، وبلفظ الإنجيل عن القرآن أيضًا. وفي الحديث الصحيح عن النبي : "خُفِّفَ على دَاوُدَ القُرآنُ فكانَ مَا بينَ أنْ تُسْرَجَ دَابتُّه إلى أنْ يَرْكَبَها يقرأ القُرْآنَ" (٢) فالمراد به: قرآنه، وهو الزَّبُور.

وكذلك قولُه في البشارة التي في التوراة: "نبيًّا أُقيم لبني إسرائيلَ مِنْ إخوتهم، أُنْزِل عليه توراةً مِثْلَ توراةِ موسى".

وكذلك في صفة أمتِه في الكتب المتقدِّمة "أناجيلُهم في صُدُورهم".

فقوله: "أَخْبِرْني بصفة رسول الله في التوراة": إما أن يريد التوراة المعيَّنةَ أو جِنْسَ الكُتُب المتقدِّمة.

وعلى التقديرين: فإجابةُ عبدِ الله بنِ عَمْرو بما هو في التوراة، أي التي هي أعمُّ من الكتاب المعين، فإن هذا الذي ذكره ليس في التوراة المعيَّنة بل هو في كتاب إِشَعْيَا كما حكيناه عنه، وقد ترجموه أيضًا بترجمةٍ أخرى فيها بعض الزيادة: "عبدي ورسولي الذي سُرَّتْ به نفسي،


(١) أخرجه البخاري في البيوع، باب كراهية السخب في الأسواق: (٤/ ٣٤٢).
(٢) أخرجه البخاري في الأنبياء، باب قول الله تعالى: ﴿وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾: (٦/ ٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>