للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلتم: بل كان ذلك كلُّه بعلمه ومشاهدته واطِّلاعه عليه، فلا يخلو إمَّا أن يكون قادرًا على تغييره والأخذ على يديه ومنعه من ذلك، أو لا:

فإن لم يكن قادرًا فقد نسبتموه إلى أفجع (١) العجز المنافي للربوبية، وإن كان قادرًا وهو مع ذلك يعزُّه وينصره ويؤيِّده ويُعْلِيه ويُعْلي كلمته ويجيب دعاءَه ويمكِّنه من أعدائه ويُظْهِر على يديه من أنواع المعجزات والكرامات ما يزيد على الألف، ولا يقصده أحد بسوءٍ إلا أظْفَرَه به ولا يدعوه بدعوة إلا استجابها له، فهذا من أعظم الظلم والسَّفَه الذي لا يليق نسبته إلى آحاد العقلاء فضلًا عن ربّ الأرض والسماء، فكيف وهو يشهد (٢) له بإقراره على دعوته وبتأييده وبكلامه وهذه عندكم شهادة زور وكذب!

فلما سمع ذلك قال: معاذ الله أن يفعل الله هذا بكاذبٍ مفترٍ، بل هو نبيٌّ صادق، مَنِ اتَّبعه أفْلحَ وسَعِد.

قلت: فمالك لا تدخل في دينه؟

قال: إنما بعث إلى الأميين الذين لا كتاب لهم، وأما نحن فعندنا كتاب نتَّبعه.

قلت له: غُلِبْتَ كل الغَلَب، فإنه قد علم الخاصُّ والعام أنّه أخبر أنَّه رسول الله إلى جميع الخلق، وأنّ من لم يتَّبِعْه فهو كافرٌ من أهل الجحيم، وقاتلَ اليهودَ والنصارى وهم أهلُ كتاب، وإذا صحَّتْ رسالته وَجَبَ


(١) في "غ": "أقبح".
(٢) في "غ": "شهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>