للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا أطبقوا على جحد نبوته وإنكارِ بشارة الأنبياء به، ولم يفعل بهم ما فعلَه بهم محمد من القتل والسَّبْي، وغنيمة الأموال، وتخريب الديار، وإجلائهم منها، فكيف لا تتواصى هذه الأمةُ بكتمان نَعْتِه وصفتِه وتُبَدِّله مِنْ كتبها؟

وقد عاب (١) الله سبحانه عليهم ذلك في غير موضع من كتابه ولعنهم عليه.

ومن العجب أنهم والنصارى يقرُّون أن التوراة كانت طول مملكة بني إسرائيل عند الكاهن الأكبر الهاروني وحْدَه، واليهود تقرُّ أن السبعين كاهنًا اجتمعوا على اتِّفاقٍ من جميعهم على تبديل ثلاثةَ عَشَر حرفًا من التوراة، وذلك بعد المسيح في عهد القياصرة الذين كانوا تحت قَهْرِهِم حيث زال المُلْك عنهم، ولم (يَبْقَ لهم) (٢) مَلِكٌ يخافونه ويأخذ على أيديهم (٣). ومَنْ رضي بتبديل موضع واحد من كتاب الله فلا يُؤْمَن منه تحريفُ غيره، واليهود تقرُّ أيضًا أنَّ السامرة حرَّفوا مواضع من التوراة وبدَّلوها تبديلًا ظاهرًا وزادوا ونقصوا. والسَّامرةُ تدَّعي ذلك عليهم.

وأما الإنجيل؛ فقد تقدَّم أن الذي بأيدي النصارى منه أربع كتب مختلفة من تأليف أربعة رجال: يُوحَنَّا (٤)، ومَتَّى، ومَرْقُسْ، ولُوقًا، فكيف يُنْكَر تطرُّق التبديل والتحريف إليها، وعلى ما فيها من ذلك؛ فقد


(١) في "د": "نعى" وتصحفت في "ص، غ" إلى: "بغى".
(٢) في "ص": "يتولهم".
(٣) في "د" زيادة: "ومنهم من يقول: بلى، وهو بختنصر، حيث ألزمهم بكتابة التوراة لطائفة من جماعته".
(٤) في "غ، ص" يكتبها هكذا: "يُحَنَّا" و"مركش".

<<  <  ج: ص:  >  >>