للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال من قال منهم في وجهه: نشهد أنك نبيٌّ فقال: "ما يمنعك من اتباعي"؟ قال: إنا نخاف أن (يقتلنا يهود) (١). وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: ٩٦، ٩٧]. وقد جاءكم بآيات هي أعظم من بشارات الأنبياء به وأظهر؛ بحيث إنَّ كل آيةٍ منها يصلح أن يؤمنَ على مِثْلها البَشَرُ، فما زادكم ذلك إلا نُفُورًا وتكذيبًا وإباءً لقَبول الحقِّ، فلو نزَّل الله عليكم ملائكته (وكلَّمكم الموتى، وشهد له بالنبوة كلُّ رطْبٍ ويابس) (٢) لغلبت عليكم الشِّقْوةُ (٣) وصرتم إلى ما سبق لكم في أمِّ الكتاب.

وقد رأى من كان أعقلَ منكم وأبْعَدَ من الحسد مِنْ آيات الأنبياء ما رأوا وما زادهم ذلك إلا تكذيبًا وعنادًا، فأسلافُكم وقدوتكم في تكذيب الأنبياء من الأمم لا يحصيهم إلا الله حتى كأنكم تواصيتم بذلك؛ أوصى به الأول للآخر، واقتدى فيه الآخر بالأول.

قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾ [الذاريات: ٥٢، ٥٣].

وهبنا ضربنا عن إخبار الأنبياء المتقدمين صَفْحًا أفليس في الآيات والبراهين التي ظهرت على يديه ما يشهد بصحة نبوته؟

وسنذكر منها بعد الفراغ من الأجوبة طرفًا يقطع المعذرة ويقيم الحجة (٤). والله المستعان.


(١) في "ج": "يغلبنا اليهود".
(٢) ساقط من "د".
(٣) في "غ، ص": "الشقوق".
(٤) انظر فيما سيأتي القسم الثاني في تقرير نبوة محمد ، ص (٤٢٩) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>