للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخطبهم مرة أخرى خُطْبةً فذكَرَ بَدْأ الخلق حتى دخل أهلُ الجنَّة منازلَهم وأهلُ النار منازلهم (١).

وقال يهوديٌّ لسَلْمان: لقد علَّمكم نبيُّكم كلَّ شيء حتى الخراءة! قال: أجل (٢)؟!.

فهذا اليهوديُّ كان أعلم بنبيِّنا من هذا السائل وطائفته!

وكيف يُدَّعى في أصحاب نبيِّنا أنهم عوام، وهذه العلوم النافعة المبثوثة في الأمة -على كثرتها واتساعها وتفنن ضروبها- إنما هي عنهم مأخوذة، ومن كلامهم وفتاويهم مستنبطة؟

وهذا عبد الله بن عباس كان من صبيانهم وفتيانهم وقد طَبَّقَ الأرض علمًا، وبلغت فتاويه نحوًا من ثلاثين سِفْرًا، وكان بحرًا لا يَنْزِف، لو نزل به أهلُ الأرض لأوسعهم علمًا، وكان إذا أخذ في الحلال والحرام والفرائض يقول القائل: لا يحسن سواه، (فإذا أخذ في تفسير القرآن ومعانيه يقول السامع: لا يحسن سواه) (٣)، فإذا أخذ في السنَّة والرواية عن النبيِّ يقول القائل: لا يحسن سواه، فإذا أخذ في القصص وأخبار الأمم وسِيَر الماضين فكذلك، فإذا أخذ في أنساب العرب وقبائلها وأصولها وفروعها فكذلك، فإذا أخذ (٤) في الشِّعر والغريب فكذلك (٥).


(١) أخرجه البخاري في بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى "وهو الذي يبدأ الخلق": (٦/ ٢٨٦ - ٢٨٧)، ومسلم في الموضع السابق نفسه.
(٢) أخرجه مسلم في الطهارة: (١/ ٢٢٣).
(٣) ساقط من "غ، ج" وكأنه انتقال نظر من الناسخ.
(٤) ساقطة من "ج".
(٥) انظر: "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر: (٣/ ٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>