للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنبوة من اتباع من بُعث بعده ونصرته، وها قد بعث الله تعالى محمدًا ، وجاء مصدقًا لما بين يديه من الكتاب (١)، وقد أخذ الله الميثاق والعهد على أهل الكتاب أن يؤمنوا به، فوجب الوفاء بذلك الميثاق والعهد، واكتفى -سبحانه- بذكر الأنبياء في الآية لأن العهد على المتبوعين عهد على الأتباع، ولأنه إذا وجب على الأنبياء الإيمان به ونصره فوجوب ذلك على من اتبعهم أولى وأحرى.

وهذا هو معنى ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس حيث قالا: ما بعث الله نبيًا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بعث الله محمدًا وهو حي ليؤمِننَّ به ولينصرنَّه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنُنَّ به ولينصُرُنّه (٢).

بشارات الكتب السابقة بنبوة محمد :

وليس لأهل الكتاب أي عذر في عدم إيمانهم بمحمد ، وقد


(١) والمراد بالتصديق لما معهم -مع مخالفة شرعه لشرعهم- حصول الموافقة في التوحيد والنبوات وأصول الشرائع، فأما تفاصيلها، وإن وقع الخلاف فيها، فذلك في الحقيقة ليس بخلاف، لأن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام متفقون على أن الحق في زمان موسى ليس إلا شرعه، وأن الحق في زمان محمد ليس إلا شرعه، فهذا وإن كان يوهم الخلاف إلا أنه في الحقيقة وفاق. وكذلك كان ظهوره على ما هو مطابق لوصفه في كتبهم -كما سيأتي- تصديقًا لما معهم. انظر: "تفسير الفخر الرازي" (٨/ ١٣١).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٦/ ٥٥٥ - ٥٥٦)، ابن كثير (١/ ٣٧٦)، "روح المعاني" (٣/ ٢٠٩)، البغوي (١/ ٣١٣)، "الرد على المنطقيين": ٤٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>