للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما نظر فقهاؤهم إلى أن التوراة غير ناطقة بتحريم مآكل الأمم عليهم إلا عُبَّاد الأصنام، وصرَّحت التوراة بأن تحريم مؤاكلتهم ومخالطتهم خوف استدراج المخالطة إلى المناكحة، والمناكحةُ قد تستتبع الانتقالَ من دينهم إلى أديانهم (١)، وموافَقَتَهم في عبادة الأوثان. ووجدوا جميع هذا واضحًا في التوراة = اختلقوا كتابًا سموه "هلكت شحيطا" (٢). وتفسيره: علم الذباحة، ووضعوا في هذا الكتاب من الآصار والأغلال ما شغلوهم به عمَّا هم فيه من الذل والصَّغَار والخِزْي.

فأمروهم (٣) فيه أن ينفخوا الرِّئةَ حتى يملؤوها هواء، ويتأملوها (٤) هل يخرج الهواء من ثُقْبٍ منها أم لا؟ فإن خرج منها الهواء: حرَّموه، وإن كانت بعض أطرافِ الرئة لاصقةً ببعض: لم يأكلوه.

وأمروا الذي يتفقد الذبيحة أن يُدْخِل يده في بطن الذبيحة ويتأمل بأصابعه؛ فإن وَجَد القلبَ ملتصقًا إلى الظهر، أو أحد الجانبين -ولو كان الالتصاق بعرق دقيق كالشعرة-: حرَّموه ولم يأكلوه وسموه "طُرَيْفا".

ومعنى هذه اللفظة عندهم أنه نجس حرام. وهذه التسمية عدوان منهم؛ فإنَّ معناها في لغتهم هي الفريسة التي يفترسها السَّبُع، ليس لها معنى في لغتهم سواه، وكذلك (٥) عندهم في التوراة أنَّ إخوة يوسف لما جاؤوا بقميصه ملطَّخًا بالدم قال يعقوب في جملة كلام: "طاروف


(١) في "غ": "دينهم".
(٢) في "غ، ص": "سخيطا".
(٣) في "ب": "وأمروهم".
(٤) في "ص": "يتأملونها". وهو خطأ.
(٥) في "د": "ولذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>