للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه المسألة مع الفقيه فلان" ويسمون هذا الصوت (١): "بث قول".

فلما نظر القَرَّاؤون إلى هذا الكذب المحال قالوا: قد فسق هؤلاء، ولا يجوز قَبُول (٢) خبرِ فاسقٍ ولا فتواه، فخَالَفُوهم في سائر ما أصَّلوه من الأمور التي لم ينطق بها نصُّ التوراة. وأما تلك التُّرَّهَات التي ألَّفها فقهاؤهمِ الذين يسمونهم "الحخاميمِ" في علم الذباحة ورتَّبوها ونسبوها إلى الله فاطَّرَحَها القراؤون كلَّها وألغوْها، وصاروا لا يحرِّمون شيئًا من الذبائح التي يتولَّون ذبحها البتَّة، ولهم فقهاء أصحاب تصانيف إلا أنهم يبالغون في الكذب على الله، وهم أصحاب ظواهر مجردة، والأولون أصحاب استنباط وقياسات.

والفرقة الثانية يقال لهم: "الربَّانِيُّون" وهم أكثر عددًا، وفيهم الحخاميم (٣) الكذابون على الله الذين زعموا أنَّ الله كان يخاطب جميعهم في كل مسألة بالصوت الذي يسمونه: "بث قول".

وهذه الطائفة أشدُّ اليهود عداوة لغيرهم من الأُمم، فإن الحخاميم أوْهَمُوهم بأنَّ الذبائح لا يحلُّ منها إلا ما كان على الشروط التي ذكروها، فإنَّ سائر الأمم لا تعرف هذا، وأنه شيء خُصُّوا به ومُيِّزوا بهم عمَّن سواهم. وأنَّ الله شرَّفهم به كرامةً لهم، فصار الواحد منهم ينظر إلى مَنْ ليس على نِحْلَتِه كما ينظر إلى الدَّابّة، وينظر إلى ذبائحه كما ينظر إلى الميتة.


(١) في "د": "الأصوات".
(٢) ساقطة من "ج". وفي "بذل المجهود": "الحاخاميم".
(٣) في "غ، ص": "الخحاميم".

<<  <  ج: ص:  >  >>