للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا (١): وهو الذي ولد ورَضِع وفُطِم، وأُخذ وصُلب وصفع، وكُتِّفت يداه، وسُمِرَ، وبُصِق في وجهه، ومات ودُفِن، وذاق أَلَمَ الصَّلْب والتَّسمير والقتل، لأجل خلاص النصارى من خطاياهم.

قالوا: وليس المسيح عند طوائفنا الثلاثة بنبيٍّ ولا عَبْدٍ صالح، بل هو ربُّ الأنبياء وخالقُهم، وباعثُهم، ومُرْسِلُهم، وناصرُهم، ومؤيِّدهم، وربُّ الملائكة.

قالوا: وليس مع أمه بمعنى الخلق والتدبير واللطف (٢) والمعونة، فإنه لا يكون لها بذلك مزية على سائر الإناث ولا الحيوانات. ولكنه معها بحَبَلِها به واحتواءِ بطنها عليه، فلهذا فارَقَتْ (إنَاث جميع الحيوانات) (٣) وفارق ابنُها جميع الخلق (٤)، فصار الله وابنه الذي نزل من السماء وحبلت به مريم وولدته: إلهًا واحدًا، ومسيحًا واحدًا، وربًّا واحدًا وخالقًا واحدًا، لا يقع بينهما فرق، ولا يبطل الاتحاد بينهما بوجه من الوجوه، لا في حَبَلِ ولا في ولادةٍ، ولا في حالِ نومٍ ولا مرضٍ، ولا صَلْبٍ ولا موتٍ، ولا دَفنٍ، بل هو متَّحدٌ به في حال الحبل، فهو في تلك الحالَ مسيحٌ واحد، وخالقٌ واحد، وإله واحدٌ وربٌّ واحد، وفي حال الولادة كذلك، وفي حال الصلب والموت كذلك.

قالوا: فمنا مَنْ يُطْلِق في لفظه وعبارته (٥) حقيقةَ هذا المعنى فيقول:


(١) في "ب، ج": "فقالوا".
(٢) من "د" فقط.
(٣) في "غ، ص": "جميع إناث الحيوان".
(٤) في "غ": "الحق".
(٥) في "غ، ص، ب": "عبادته".

<<  <  ج: ص:  >  >>