للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت اليهود ذلك إلا وقد أنزل نفسه بالمنزلة التي أنزله بها ربُّه ومالكه أنه نبيٌّ، ولو علمت من دعواه الإلهية لذكرتْ ذلك له، وأنْكَرَتْهُ (١) عليه، وكان أعظم أسباب التنفير (٢) عن طاعته، لأنَّ كذبه كان يُعْلم بالحسِّ والعقل والفطرة واتفاق الأنبياء.

ولقد كان يجب لله سبحانه -لو سبق في حكمته أنه يبرز لعباده، وينزل عن كرسي عظمته، ويباشرهم بنفسه- أن (لا يَدْخُل في فرج) (٣) امرأة، ويقيمَ في بطنها بين البولِ والنَّجْو والدمِ عِدَّةَ أشهر. وإذْ قد فعل ذلك (لا يخرج صبيًّا صغيرًا، يرضع ويبكي، وإذْ قد فعل ذلك) (٤)، لا يأكل مع الناس ويشرب معهم وينام. وإذْ قد فعل ذلك فلا يبول ولا يتغوَّط ويمتنع من الخرأة إذْ هي مَنْقَصَة ابْتُلِيَ بها الإنسانُ في هذه الدار لنقصه وحاجته.

وهو -تعالى- المختصُّ بصفات الكمال، المنعوتُ بنعوت الجلال الذي ما وسعته سمواته ولا أرضه، وكرسيُّه وسع السموات والأرض، فكيف وسعه فرج (٥) امرأة. تعالى الله رب العالمين!! وكلُّكم متفقون على أن المسيح كان يأكل ويشرب ويبول ويتغوَّط وينام.

فيا مَعْشَرَ المثلِّثة وعُبَّاد الصليب! أخْبِرُونا مَنْ كان الممسك للسموات والأرض حين كان ربُّها وخالقها مربوطًا على خشبة


(١) في "ج": "وأنكرت".
(٢) في "ج": "التعبير"، وفي "غ، ص": "النقير".
(٣) في "ج": "يدخل في بطن".
(٤) ما بين القوسين ساقط من "ص، غ".
(٥) في "ج": "بطن".

<<  <  ج: ص:  >  >>